خزانة أبي المواهب | كتب التصوف على الطريقة التجانية

خزانة أبي المواهب
كتب التصوف على الطريقة التجانية


اضغط على صورة واجهة الكتاب للتعريف بالمصنف، على اسم المؤلف للتعريف بصاحبه، و على عنوان أو أجزاء الكتاب لتحميله كليا أو جزئيا (عند توفره).


« جواهر المعاني و بلوغ الأماني في فيض أبي العباس التجاني» - علي حرازم ابن العربي برادة


« الجامع لما افترق من درر العلوم الفائضة من بحار القطب المكتوم» - سيدي محمد بن محمد بن المشري
التعريف بالكتاب غير متوفر النسخة الإلكترونية للكتاب غير متوفرة

« نصرة الشرفاء في الردّ على أهل الجفاء» - سيدي محمد بن محمد بن المشري
التعريف بالكتاب غير متوفر النسخة الإلكترونية للكتاب غير متوفرة

« ميزاب الرحمة الربانية في التربية بالطريقة التجانية» - سيدي عبيدة بن محمد الصغير
النسخة الإلكترونية للكتاب غير متوفرة التعريف بالمؤلف غير متوفر


« الجيش الكفيل بأخذ الثأر ممن سل على الشيخ التجاني سيف الإنكار» - سيدي محمد الصغير التشيتي الشنقيطي
النسخة الإلكترونية للكتاب غير متوفرة

«المقدمة القصيدة السينيَّة» - سيدي ابراهيم الرياحي (تـ 1266هـ)

«منية المريد» - سيدي أحمد بن بابا بن أحمد العلوي الشنجيطي (تـ بعد 1260هـ/1844م)


«جواهر المعاني و بلوغ الأماني في فيض أبي العباس التجاني»

سيدي علي حرازم ابن العربي برادة

 بعد ما استقر سيدنا الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه في مدينة فاس، و قضى نحو الشهرين منذ مقدمه أمر، عن سيد الوجود صلى الله عليه و سلم، تلميذه الأخص الذي هو خزانة أسراره، سيدنا علي حرازم رضي الله عنه، بجمع كتاب ''جواهر المعاني'' و ترتيب فصوله و تهذيب مسائله و تأسيس قواعده. فشرع  في جمعه و ترتيبه و تأليف مسائله و تبويبه بفاس في أوائل شعبان، و فرغ منه في أواسط ذي القعدة  من السنة الموالية لذلك العام و ذلك قيد حياة سيدنا الشيخ قدس الله سره و والى عليه سحائب الرضوان.
فكان كتاب ''جواهر المعاني'' بحمد الله محفوفا باليمن و الإسعاد، منتشر الذكر، سني الفخر، عميم النفع في جميع الأسقاع و البلاد. فهذا الكتاب كفيل بفضل الملك الوهاب، للمثابر عليه من طريق المحبة الخالصة بالوصول إلى معرفة رب الأرباب، و استجلاء عرائس الحقائق و نفائس اللطائف و الرقائق، و الولوج إلى حضرتها المنيعة من كل باب، فمن جد وجد لا محالة في يومه ما لم يجده أمسه، و من قصر فلا يلوم إلا نفسه. و يكفي الأريب من شرف هذا الكتاب العجيب صدور تأليفه بإذن طه الحبيب، صلى الله عليه و سلم، مع ما اشتمل عليه من التنويه بعلو شأن سيدنا الشيخ رضي الله عنه و فخامة أمره،.فمن طالعه و نظر فيما تضمنه بعين الإنصاف، علم يقينا ما فاق به سيدنا رضي الله عنه غيره من سني النعوت و  كمال الأوصاف. و من بركات هذا الكتاب الشائعة بين الأ صحاب و الإخوان، في سائر الأمصار و البلدان كثرة من دخل هذه الطريقة المحمّدية بسبب مطالعته و النظر فيه. و من بركاته الظاهرة و كرماته الباهرة ما ذكره مؤلفه رضي الله عنه من أن سيد الوجود صلى الله عليه و سلم أوصى سيدنا الشيخ رضي الله عنه بعد ما أمره بجمعه بأن قال له: ''تحفظ عليه لينتفع من بعدك من الأولياء به''.×
سيدي علي حرازم ابن العربي برادة

 

هو الولي الكامل، و العارف بالله تعالى الواصل، الخليفة الأعظم، الجامع لأشتات المعارف و الأسرار، أبو الحسن سيدي الحاج علي حرازم بن العربي برادة المغربي الفاسي رضي الله عنه. أكبر خاصة الخاصة من أصحاب سيدنا الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه كان رحمه الله من العارفين الواصلين و الأولياء الكاملين الخائضين في بحور المعارف حتى بلغ الذروة العليا و امتاز بالفتح الرباني بين أهل الدين و الدنيا. و هو مؤلف كتاب ''جواهر المعاني''، مع كونه لا يد له في العلوم الرسمية.

و سبب أخذه عن سيدنا رضي الله عنه رؤيا رآها قبل الإجتماع به و نسيها حتى ذكره بها سيدنا الشيخ رضي الله عنه عند ملاقاته في مدينة وجدة سنة 1191هـ حين خرج من تلمسان قاصداً زيارة  مولانا إدريس رضي الله عنه.
و لما لقيه هناك تعرف له سيدنا الشيخ رضي الله عنه و ذكر له رؤيا سلفت له تدل على صحبته إياه، و قد كان أنسيها حتى ذكره سيدنا رضي الله عنه إياها عن طريق المكاشفة، فلما تذكرها و تحقق أن سيدنا رضي الله عنه أخبره صدقاً،  قال له رضي الله عنه: ''أما تخاف من الله تتعبني من مكاني إليك، فلا حاجة لي إلا ملاقاتك، فاحمد  الله على ذلك''. فقال سيدي علي حرازم رضي الله عنه: ''فحمدت الله و شكرته و علمت أن الله تعالى تفضل عليّ و أنه رضي الله عنه هو الكفيل لي و المتولي جميع أُموري بتصريحٍ منه بذلك إليّ''.

فتوجه معه إلى  فاس، و لما وصلا إليها أقاما بها مدة لزيارة الروضة الإدريسية  ثم لقنه رضي الله عنه الطريقة الخلوتية و ألقى إليه ما قسمه الله له على يده من العلوم و الأسرار السنية. و عندما أراد الرجوع إلى تلمسان قال له  موادعا: ''الزم العهد و المحبة حتى يأتي الفتح إن شاء الله تعالى''.

و بعد ما استقر سيدنا الشيخ رضي الله عنه في مدينة فاس، و قضى نحو الشهرين منذ مقدمه، أمر عن سيد الوجود صلى الله عليه و سلم تلميذه الأخص الذي هو خزانة أسراره، سيدنا علي حرازم رضي الله عنه، بجمع كتاب ''جواهر المعاني'' و ترتيب فصوله و تهذيب مسائله و تأسيس قواعده. فشرع  في جمعه و ترتيبه و تأليف مسائله و تبويبه بفاس في أوائل شعبان، و فرغ منه في أواسط ذي القعدة  من السنة الموالية لذلك العام و ذلك قيد حياة سيدنا الشيخ قدس الله سره و والى عليه سحائب الرضوان. و بعد أن فرغ من تأليفه أحضر الكتاب بين يدي الشيخ رضي الله عنه  فأجازه في سائر ما فيه  بخط يده  في مسجد ديوان.فكان كتاب ''جواهر المعاني'' بحمد الله محفوفا باليمن و الإسعاد، منتشر الذكر، سني الفخر، عميم النفع في جميع الأسقاع و البلاد. فهذا الكتاب كفيل بفضل الملك الوهاب، للمثابر عليه من طريق المحبة الخالصة بالوصول إلى معرفة رب الأرباب، و استجلاء عرائس الحقائق و نفائس اللطائف و الرقائق، و الولوج إلى حضرتها المنيعة من كل باب، فمن جد وجد لا محالة في يومه ما لم يجده أمسه، و من قصر فلا يلوم إلا نفسه. و يكفي الأريب من شرف هذا الكتاب العجيب صدور تأليفه بإذن طه الحبيب، صلى الله عليه و سلم، مع ما اشتمل عليه من التنويه بعلو شأن سيدنا الشيخ رضي الله عنه و فخامة أمره،.فمن طالعه و نظر فيما تضمنه بعين الإنصاف، علم يقينا ما فاق به سيدنا رضي الله عنه غيره من سني النعوت و  كمال الأوصاف. و من بركات هذا الكتاب الشائعة بين الأ صحاب و الإخوان، في سائر الأمصار و البلدان كثرة من دخل هذه الطريقة المحمّدية بسبب مطالعته و النظر فيه. و من بركاته الظاهرة و كرماته الباهرة ما ذكره مؤلفه رضي الله عنه من أن سيد الوجود صلى الله عليه و سلم أوصى سيدنا الشيخ رضي الله عنه بعد ما أمره بجمعه بأن قال له: ''تحفظ عليه لينتفع من بعدك من الأولياء به''.

و لما حصل الفتح الكبير لسيدي علي حرازم رضي الله عنه أمره سيدنا الشيخ رضي الله عنه بالسفر، و بالخروج من البلد الذي هو فيها، كما أمر رضي الله عنه بذلك كل من يحصل له ذلك المقام. و كان خروج الخليفة المعظم سيدي علي حازم رضي الله عنه من فاس إلى الحجاز من أجل ذلك. و أمره الشيخ رضي الله عنه بأن يقوم  بتربية بعض من كان  إذ ذاك في مصر  من أصحابه  و  أخبره بنيل مرتبة عظيمة و منقبة جسيمة بشرط مقابلة القبر الشريف فاشتاقت نفسه لذلك حتى احترقت كبده من شدة الشوق.

و لما وصل رضي الله عنه في  سفره هذا للديار التونسية سنة إحدى عشر و مائتين و ألف (1211هـ)، التقى بالعارف بالله أبا إسحاق سيدي إبراهم الرياحي، و لقنه الطريقة التجانية. و سيدي إبراهم الرياحي هو أول من انتمى إلى الطريقة التجانية في تونس حيث كان رضي الله عنه  أولا على الطريق الشاذلية. و قال سيدي أحمد سكيرج في "كشف الحجاب": "و حـدثـني سيدي و مولاي أحـمد الـعبدلاوى  نفـعنا الله به في كيفيـة اجتماعـه بالخـليفة الأعظـم سيدي الحاج علي حـرازم رضي الله عنه، أنـه رضي الله عنه لـما وصل تونـس دخـل لأحـد مساجـدها، و كان ذلك المـسجد يدرس فيه أحد الـشيوخ الكبار العـلم الشريـف. و كان من جـملة الطـلبة الذين يـحضرون مـجلسه سيدي إبراهم الرياحي، فاتفق أن يـجلس قبل إتـيان الـشيخ الـمدرس لدرسه بـجنبه، و صار يتـحدث معه إلى أن سأله ما أحواله و ما السبب في ترحالـه، و ما مقصوده في ذلك كله. فأجـابه بما اقتـضاه حالـه في ذلك الوقت إلى أن قال له: "لا بد لـك من الدخول لطريق المعرفة، و ما جئت إلى هنا إلا من أجلك، و الدليل المقوي لصحيح اعتقادك فيما قلته لك هو أن الشـيخ لا يـأتي اليوم للدرس". فـتعجب سيدي إبراهم الرياحي من أقواله و ما رآه من أحواله، و كان ذلـك الوقـت أول اجتماع به. فقال لـه: "إن لـم يأتي الشيخ اليوم فلابد أن يكون لك شأن عظيم عند الخاصة و العامة، و تظهر لك عندي الكرامة التامـة". ثم ثبت ما قاله الخليفة سيدنا الحاج علي رضي الله عنه بعدم مجيء الشيخ للدرس، فتشبث سيدي إبراهم الرياحي بأذياله و طلب منه أن يذهب معه لبيته في المدرسة، و أن ينزل عنده فأجابه لذلك، و لازال الخيـر يأتـي إلى أهلـه من كل المسالك. فنزل عنده ببيته مدة إقامته بتونس، ، و قويت الصحبة بينهما. و شاهد منه الكرامات التي لا تحصى، و سمع منه من مناقب سيدنا الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه و فضائل طريقته ما لا يقف على حد استقصا. فاشتاقت نفس سيدي إبراهم الرياحي للدخول في هذه الطريقة المحمدية فصار يردد ذلك في خاطره مرة بعد أخرى، و كان قبل الاجتماع بسيدنا علي حرازم رضي الله عنه رأى رؤية مبشرة له بنيل مقام من المقامات، و لما اجتمع به قصها عليه و عبرها له و حل له بعض رموزها، و واعده بحل الباقي...'' .و تلقـى منه الطريقـة التجانيـة كما تقدم، فنظم العلامة الجليل سيدي إبراهم الرياحي في مدحه قصيدة مطرزة ببعض شمائله، فلما أنشدها بين يديه، اعترى سيدي علي حرازم من الحال ما لا يذكر و أسبل من الدمع ما هو من الوبل أغزر، و قال: ''هلم بمحبرة و قرطاس''، و وقع بخطه المشرف و الناس جلاس ما نصه: ''يقول لك سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم: جازاك الله عني خيراً و عن نفسك خيراً و لك مني المحبوبية التامة و من الله جل جلاله، و اتصل حبلك بعروة لا انفصام لها، و لك من الله و مني الرضى التام، و لك بذلك معارف و أسرار و سرور و السلام عليك و رحمة الله''.

و صار سيدي إبراهم الرياحي يأخذ عنه في تلك المدة معارف و أسرار و يقتبس من علومه أنوار، إلى أن قال له يوما: "لا بد أن تذهب سفيرا إلى بلاد المغرب و تتلاقى مع أميرها، و يكون من أمرك كذا و كذا، فإن ذهبت لتلك الديار فعليك أولا بزيارة الشيخ رضي الله عنه، و الزمه طول المقام هناك في الليل و النهار". فصار سيدي إبراهم الرياحي يتعجب من أن يكون له هذا الأمر بعد أن تحقق أن كل ما أخبره به سيدنا الحاج علي رضي الله عنه لابد من وقوعه. و قال سيدي أحمد سكيرج في "كشف الحجاب" نقلا عن سيدي مولاي أحـمد الـعبدلاوى: ''...و كان من قدر الله أن حدثت المسبغة بالبلاد التونسية سنة 1218هـ و احتاج الناس للسيرة من سلطنة المغرب، فأمر أمير تونس حموده باشا أن يذهب الشيخ سيدي سالح الكواش رضي الله عنه سفيرا لأجل ذلك إلى سلطان المغرب مولانا سليمان قدس الله روحه في الجنان، فاعتذر الشيخ المذكور لكبره و وهن عظمه و عدم قدرته على السفر مع تزايد سقمه، و أشار عليه بإرسال تلميذه سيدي إبراهم الرياحي، و نوه بقدره عنده، و أنه إن أرسله ينل مقصوده. فأمر الأمير بتهييء سيدي إبراهم الرياحي لهذا المقصد، و سافر إلى الديار  المغربية إلى أن وصل بالسلامة. و لما بلغ إلى حضرة فاس مشى أولا لدار سيدنا الشيخ رضي الله عنه، عملا بوصية الخليفة سيدي علي حرازم رضي الله عنه، و لما استفتح الباب أجابته خادم: "هل أنت إبراهيم الرياحي التونسي؟" فقال لها: "نعم". قالت له: "إن الشيخ أخبر بمجيئك و أذن لي في إدخالك من غير استئذان". فأدخلته فوجد بدار الشيخ رضي الله عنه جماعة من أصحابه الذين فازوا بالاجتماع بسيدنا رضي الله عنه، ثم قدم إليه قدح من لبن فشربه. و بعد ذلك خرج إليه جناب سيدنا الشيخ رضي الله عنه من خلوته. و بعد أن أدى تحية الاجتماع به، أخبره سيدنا بوفاة شيخه صالح الكواش، و أنه كان في جنازته و ذلك يوم الاثنين السابع عشر من شوال سنة 1218هـ. و بعد ما قضى سيدي إبراهم الرياحي وطره من الزيارة لجناب سيدنا رضي الله عنه، توجه للحضرة السلطانية فقابلته بما يليق بالجنابين من الإجلال و الإكرام، و صار يتردد إلى الجناب العالي إلى أن نال منتهى المرام، و رجع بالسلامة إلى قراره محرزا غاية آماله و أوطاره ...."إهـ

فلقد كان سيدي علي حرازم خليفة للشيخ رضي الله عنه في حياته حسبما صرح بذلك رضي الله عنه و ذلك عن إذن من الحضرة المحمدية عليها صلوات الله وسلامه، حيث من مناقبه أن الشيخ رضي الله عنه أخبر بأن النبي صلى الله عليه و سلم قال في حقه: ''هو منك بمنزلة أبو بكر مني''.  و من مناقبه الكثيرة أيضا أن الشيخ رضي الله عنه أخبر بِأن النبي صلى الله عليه و سلم يحبه محبة خاصة تفوق محبة الأولاد، و من أعظم مناقبه كذلك أن الشيخ رضي الله عنه قال فيه: ''ما قاله فأنا قلته''، و ''لا يصل إلى أحد مني شيء إلا على يد سيدي حاج علي حرازم''. و الأخبار المتعلقة به لا يمكن إستيفاؤها هنا.

و من فضائله و هي من أعظم كراماته أنه تلاقى مع القاضي أبي محمّد شمهروش الصحابي المذكور. و قد تلقى منه بإذن سيدنا الشيخ رضي الله عنه ''الحزب السيفي'' مشافهة كما هو معروف عند الخاصة من الأصحاب. و من أخباره أيضا أنه  لما وصل إلى تونس تزوج بشريفة  بأمر من النبي صلى الله عليه و سلم، ثم جاء الخبر أنّه طلقها لأمر اقتضاه حال، و كان يقع في باطن أحد الخاصة من الأصحاب  شيئا من جهة  تطليقه إيّاها، و هو الذي كان رضي الله عنه يخبر بأنّ النبي صلى الله عليه و سلم زوّجه بها.  فكان الشيطان لعنه الله، كثيراً ما يكدّر عليه وقته بالوسوسة بذلك. و حدث أنه جلس يوماً مع سيدي علي رضي الله عنه و لم يحضر معهما ثالث فطاب له الوقت بمحادثته رضي الله عنه و لان القلب و خشعت الجوارح فلم يشعر حتى ألقي ذلك الخاطر بباله و اشتغل به فكره و كدر عليه صفوه، فرفع سيدي علي رضي الله عنه بصره إليه و أدنى رأسه منه و قال له: ''كانت لا تصلي'' و لم يزيد على ذلك شيئا.  فأدرك أنّ ذلك هو الموجب لطلاقه إياها و أنّ النبي صلى الله عليه و سلم لم يقره معها لأجل ذلك.

و لما وصل إلى الحجاز و بمجرد قربه للمقام الشريف، على نحو المرحلة، بادر  بذكر بعض الأسماء العظام التي لقنه سيدنا الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه و اشترط عليه أن لا يذكرها إلا بعد المواجهة و الوصول لذلك المقام السعيد، فرأى ما رأى و غاب عن حسه حتى ظن من معه أنه توفي فدفنوه.  وبقي في قبره حيا سبعة أيام ثم توفي بعد ذلك. و قد أخبر سيدنا الشيخ رضي الله عنه بذلك فقال كما في ''الإفادة الأحمدية'': ''سيدي الحاج علي حرازم وقعت له غيبة فتخيله أصحابه أنّه توفي فدفنوه''. و قال أيضا رضي الله عنه: ''و لو لم يدفنوه لسمعوا منه علوماً و معارف و أسراراً مما لا يخطر لهم ببال و لا يجدونه في ديوانٍ''. ثم إن سيدي الحاج عبد الوهاب بن الأحمر، و هو من جملة من كان معه في سفره رضي الله عنه حتى توفي، أخبر أنّه لما ذكر سيدي الحاج علي حرازم  رضي الله عنه الإسم الأعظم الذي لقنه له سيدنا الشيخ رضي الله عنه و اشترط عليه أن لا يذكره إلا في تلك البقعة الشريفة سقطت قواه و اندكت ذاته حتى أنه سقاه حليبا لبناً فخرج من مسامه عرق و هو لبن كما شربه.×

«سيدي محمد بن محمد بن المشري»

(631-676هـ/1233-1277م)

 

العالم العلامة الدراكة الفهامة الفقيه العارف بالله القدوة، حامل مذهب الإمام مالك و السالك فى العلوم أقوم المسالك، خزانة الأسرار العرفانية و ترجمان الطريقة التجانية الشريف الجليل المنيف أبو عبد الله سيدي محمد بن محمد بن المشري الحسني السائحي السباعي التكرتي.

كان رحمه الله من خاصة الخاصة من أصحاب سيدنا رضي الله عنه والواردين من منهل علومه  الوهبية و المطلعين على بعض أسراره الغيبية.

مؤلف كتاب "الجامع لما افترق من درر العلوم الفائضة من بحار القطب المكتوم".

قال مؤلف "جواهر المعاني" في تحليته بعد ذكر صفات الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه ما نصه: 
"و من جملة صفاته رضي الله عنه أنه لا يؤم أحداً إلا أن يكون في داخل داره و عياله. و يصلي هو خلف الأئمة إلا أن يكون مانع شرعي ، كأخذهم الرشوة  أو غيره فلا يصلي وراءهم و هذا كان في ابتدائه و كان له إماماً و هو العالم العلامة و الدراكة الفهامة الجامع بين الحقيقة و الشريعة و الإفادة و علوم الطريقة خازن سره، و حافظ عهده و محل وده و خليل أنسه أبو عبد الله سيدي محمد ابن محمد المشري الشريف المنيف الكامل العفيف الحسني السائحي السباعي أصلاً التقرتي الموطن من خط الجريد و هي معروفة من عمل اقسمطينة و دارهم دار علم و صلاح و رشاد و فلاح، و لا زالوا إلى  الآن من العلماء العاملين و الأئمة المهتدين و جلهم أخذ طريقة شيخنا رضي الله عنه . و يقصدونه بالزيارة من بلدهم نحو عشرين يوماً أو أزيد و يأتون بالأموال العظيمة لسيدنا رضي الله عنه ، دراهم و كسوة و تمراً. و قد وافيتهم مرارا متعددة عند سيدنا، و لا رأيت أحسن منهم سمتاً و ديناً و علماً، و جلهم علماء منذ عرفنا سيدنا رضي الله عنه و تأتيه الوفود من جميع النواحي و الهدايا ،   ما رأيت أحسن منهم في الأدب و التعظيم و حسن النية. و يعاملهم سيدنا رضي الله عنه بما لا يعامل غيرهم، من الإعراض عنهم و بعدم المبالاة لهم كما يفعل مع غيرهم. فكلمته رضي الله عنه في ذلك، فقال لي:" ليسوا كغيرهم إنما يطلبون المقامات العلية و الأحوال السنية"، رضي الله عنهم ولا حرمنا إياهم من خير هذا السيد الكريم. و لا زال هذا السيد رضي الله عنه مع سيدنا رضي الله عنه من سنة ثمانية و ثمانين و مائة و ألف إلى الآن و هو مع سيدنا بفاس عام ثلاثة عشر و مائتين و ألف. فلما وصل سيدنا رضي الله عنه سنة ثمانين و مائتين و ألف تصدى للإمامة بنفسه رضي الله عنه لموجب قام به لا ينفك عنه و لا تصح صلاته إلا بنفسه، إلا إن قام به عذر شرعي، فهو رضي الله عنه يصلى إماما بالناس إلى الآن و لا يصلى خلف أحد إلا فى الجمعة و شهر رمضان سنة 1213. و هو رحمه الله من بين  المفتوح عليهم في هذه الطريقة المحمدية قيد حياة سيدنا رضي الله عنه و لذلك أمره رضي الله عنه بالسفر من البلد الذي هو فيها".

و قال أبو المواهب سيدي العربي ابن السائح في "البغية": "و فى هذا العام، عام قفوله* من حجه للحضرة التلمسانية أعادها الله دار إسلام، حظي باللقاء مع صاحبه و خازن أسراره، الفقيه العلامة الإمام القدوة المبجل الهمام أبو عبد الله سيدي محمد بن المشري الحسنى السايحي الترقي الدار - و هي، أي ترقت، بلدة معروفة من عمل اقسمطينه في الجزائر - رحمه الله و رضي الله عنه، فخص منه إذ ذاك بتلقينه إياه الطريقة الخلوتية، و تلقى منه أسرارا و أذكارا أخر حسبما أخبر بذلك عن نفسه رحمه الله و نفعنا به، و بقى فى صحبته من ذلك الوقت إلى أن توفى رحمه الله سنة أربع وعشرين و مائتين و ألف. و هو الذي ألف كتاب "الجامع لما افترق من العلوم"**  و كتاب "نصرة الشرفاء فى الرد على أهل الجفاء". و كان سيدنا رضى الله عنه اتخذه إماما يؤم به في الصلاة، لأنه رضي الله عنه كان في ذلك الوقت لا يحب أن يصلى إماما إلا إذا كان داخل داره فيؤم أهل داره و عياله. و فى عام ثمانية و مائتين و ألف تصدى للإمامة بنفسه لموجب قام به في ذلك الوقت، قاله في "الجواهر"".

"و بلغنا من طريق الثقات من أصحابه رضي الله عنه أنه فعل ذلك بإذن الله من النبى صلى الله عليه و سلم، و كان يقول: "أمرني من لا تسعني مخالفته أن لا أصلي خلف أحد ما عدا الجمعة"، و لهذا كان رضي الله عنه إذا كان فرضه التيمم و حضرت الصلاة و هو مع أصحابه صلى بهم، و الحال أنهم متوضئون، لكن بعد أن يقول لهم: "إن فرضي التيمم فإن شئتم أن تجتمعوا على إمام فافعلوا"، فلا ينكر على من اجتمع إلى غيره، و من صلى معه أقره على فعله بناء على قول ابن العرابي و ابن الماجشون في ذلك، كما هو معروف فى المذهب، مع اطلاعه رضي الله عنه على ما هو في نفس الأمر من الفضيلة فى الصلاة خلف أمثاله، و لعلنا نتعرض لما فى الصلاة خلف العارفين بالله فيما سيأتي إن شاء الله". و وجه بيانه رضي الله عنه، على الخوف من أن يكون من لا يريد أن يعمل إلا على المقابل لقول الشيخين المذكورين، و هو جار في ذلك رضي الله عنه على قاعدة الورع في نظائر المسألة ظاهرا و الله أعلم".

"و كان من وظيف الناظم*** رحمه الله أن لا يغفل عن التنبيه على أن هذا الزمن و هو زمن اجتماع هذا السيد الجليل القدر بسيدنا رضى الله عنه، و قلت فيما يشير إلى ذلك لمن أراد أن يلحقه فى هذا المحل ما نصه:

و جاءه إذ ذلك سامــــي القدر         فرد السنـــــا سيدنا ابن المشري

ففاز منــــــــــه ثم بالتلقيــــن         عن شيخه الكدي الرضي الأمين

فحل فيها...                                                       ...الخ.

 

و قال عند قول "المنية"*** في تعداد من حصل له الفتح على يد سيدنا رضي الله عنه:

و كالفقيه العالم ابن المشري         صــــــــاحب شيخنا رفيع الذكر

ما نصه:

"و أما الفقيه العالم سيدي محمد بن المشري فهو صاحب سيدنا و خازن أسراره، و قد تقدم بعض التعريف به و شهرته كافية، و هو الذي ألف "نصرة الشرفاء فى الرد على أهل الجفاء" و غيره حسبما تقدمت الإشارة إليه. و كان قوي الحال فى المحبة، و مما يؤثر عنه في ذلك أنه مر و هو راكب على فرس أنثى بضريح بعض أهل التصرف بالصحراء و هو من أجداده رحمه الله تعالى، فساخت بعض قوائم الفرس، فالتفت إلى ذلك الضريح و قال له: "و الله حتى تسرح فرسي أو أشكوك إلى الشيخ يتصرف فيك" فسرحت الفرس كأن لم يكن بها شيء. هذا من غرائب أوصاف المحبة. توفى رضي الله عنه في الصحراء سنة أربع و عشرين و مائتين و ألف" اهـ.

"و هو أحد المفتوح عليهم بهذه الطريقة المحمدية في قيد حياة سيدنا رضي الله عنه، و لذلك أمره بالسفر من البلد الذي هو فيها رضي الله عنه. قال في كتابه "الجامع": "و سمعته رضي الله عنه يوما يقول: "إذا فتح الله على أصحابي فالذي يجلس منهم فى البلد الذي أنا فيه يخاف على نفسه من الهلاك"، فقال له بعض أصحابه: "منك أو من الله؟" فأجابه بقوله: "من الله تعالى من غير اختيار مني"...الخ"

قال أبو المواهب أيضا في "البغية" بعد أن تكلم على أن خروج الخليفة سيدي الحاج على حرام، كان بعض الجلة من الأصحاب يراه من أجل ما ذكر من الفتح المذكور و القيام بالتربية كما هو مشهور، ما نصه:

"و قريب من هذا خروج مؤلف "الجامع" العلامة القدرة البركة سيدي محمد بن المشري رضي الله عنه من فاس إلى الصحراء إلى أن توفى بها كذلك أيضا، و هو أنسب لحاله و بمقام الشيخ رضي الله عنه، مما يجعله بعض الأصحاب سببا لخروجه و سفره عن الشيخ رضي الله عنه إن ثبت شيء من ذلك الذي يشاع بين الإخوان اليوم، فهو من الأسباب الظاهرة التي هي من جملة ما يستر الله به على أوليائه مقاماتهم و أحوالهم معه سبحانه. و الكف عن متابعة من يشيع ذلك من آكد ما ينبه عليه الإخوان بعضهم بعضا لتخلص لهم المحبة في الخواص من أصحاب سيدنا رضي الله عنه، الذين لا يبعد أن يكونوا من هذه الطائفة المخصوصة بما ذكره الشيخ رضي الله عنه من الفضيلة الباهرة و المكانة الفاخرة، إذ لا أقل من أن يحرم بركة الاعتقاد الجميل فيهم من ينصت إلى شيء مما يشير إلى تنقيصهم. و من حرم بركة الاعتقاد الجميل في مثل هؤلاء حرم الخير الكثير إن سلم له ما معه، أعاذنا الله تعالى من بلائه بمنه..." إلى آخر كلامه رضي الله عنه.

* أي عام قفول الشيخ سيدي أحمد التجاني من الحج و ذلك سنة 1188هـ

**و عنوانه الكامل: "الجامع لما افترق من درر العلوم الفائضة من بحار القطب المكتوم"، وله رضي الله عنه غير الكتابين المذكورين تآليف أخرى كـ "روض المحب الفاني"

*** أي ناظم قصيدة "منية المريد"×

«ميزاب الرحمة الربانية في التربية بالطريقة التجانية»

سيدي عبيدة بن محمد الصغير الرحمن الحطاب (تـ 954هـ)

 

كتاب في التصوف، تكلم فيه المؤلف عن القطب المكتوم و البرزخ المختوم سيدنا العارف بالله الشيخ أحمد التجاني، و ذكر نشأته و آباءه و نسبه و عشيرته الأقربين، و عن نبذ من سيرته المصطفوية و أخلاقه النبوية، و عن سنة طريقته المحمدية، و عن أوراده الأحمدية، و غير ذلك.×

«الجيش الكفيل بأخذ الثأر ممن سل على الشيخ التجاني سيف الإنكار»

سيدي محمد الصغير التشيتي الشنقيطي

 

يشرح هذا الكتاب عدة قضايا، فيبين حقيقة الولي و شروطه بوجه طاهر جلي ليعلم أن هذا الشيخ الأجل من أولياء الله الكمل، و يذكر أيضا حقيقة البدعة و ما تشتمل عليه، و ذلك للرد على من استخف بعظيم حرمة الشيخ الجليل أبي العباس أحمد بن محمد التجاني. ثم ينتقل إلى التحذير من الإنكار على أولياء الله و يتحفظ و يحذر من وقع في جنابهم بالتنقيص و الغض. ثم ينتقل إلى القول في صحة جواز رؤية النبي صلى الله عليه و سلم  يقظة، مع ذكر بعض من اتفقت له من السادات المتيقظة، بنصوص صريحة شهيرة.×

«القصيدة السينيَّة»

سيدي ابراهيم الرياحي (تـ 1266هـ)


 

اشتهر سيدي ابراهيم الرياحي رضي الله عنه بالعديد من القصائد التي لا يسعها إلا ديوان مخصوص، كما قال سيدي أحمد سكيرج، و من أشهرها قصيدته السينية.

قال العارف بالله سيدي أحمد سكيرج في كتابه "كشف الحجاب": و هذه القصيدة لها تأثير في نفي الكروب و انشراح القلوب كما جربت لكل من تلاها. لقد بلغني على لسان الثقة أن الولي الصالح سيدي العربي بن السائح رضي الله عنه حضر عنده من يحسن السماع من الإخوان فأمره بقراءة هذه القصيدة السـنية الـمذكورة، فلما أنشدها بين يديه تواجد تواجدا لـم يعهد مثله منه. و بعد تمامها قال للحاضرين: "إن صاحب هذه القصيدة ما قالـها إلا عـلى وجدان و استـغراق في حب الشيخ رضي الله عنه و توحد مرتبته العليا التي لا يشاركه فيها غيره، الجامعة الفردانية و القـطبانية و الـختمية  والكـتمية، و لم يمدح الشيخ بمثلها و لا بما  يقاربـها". ثم  قال: "إنـكم أولادي، إنه ما ضـاق على أحد أمر و قرأهـا إلا و فرج الله كـربه. و ليقرأهـا في خـلوة فإن الإجابة لا تتخلف عنه إنشاء الله تعالى".إهـ×

«القصيدة السينيَّة»

لسيدي إبراهيم الرياحي


 

صاح اركب العزم لا تخلد الى الياس                    واصحب أخا الحزم ذا جد إلى فاس

واشرح متون صبابتي لجيـــــــــرتها                    وحي حياً بهم قــــــــــد كان إيناسي

واقر السلام على تلك المعاهــــــد من                   حيـــران تلفظــــه ناس إلــــى ناس

وقل لهم ذلك المضنى وحقكـــــــــــم                    باق على العهــــد ذو وجد بكم راس

لا يبصر الحسن إلا في وجـــــــوهكم                   وليس يجنح في حب لوســـــــــواس

وعـــــــــج إلى حيث من عيني لفرقته                   تبكي وتزفــــــــر بالأشواق أنفاسي

ومن أنا فيه هيمان يقلبنــــــــــــــــــي                    دهــــري بأنــــــواع تهيام وأجناس

ومن فـــــــــــؤادي به مضنى يحملني                   ما بعضه دك منه الشامـــــخ الراس

ذاك الذي نال ما لم يحـــــــــــــوه بشر                  مــــــن العطايا ولم يعـــرف بمقياس

غـــــــوث البرايا أبو العباس أحمد من                  معناه أعظم أن يجلــــــى بقـــرطاس

روح الوجود وقطب الكـــــون مركزه                   مــــــدده سره الســــاري إلى الناس

رمز الوجـــــــــود وسر الحق طلسمه                   مكـنونه كـنزه المخفى بحـــــــراس

حقيقة الكـــون مغنى الســــــر مجمعه                   فيــــــــض الإلـــه بلا لبس ولا باس

أعني التجاني تاج العارفين ومــــــــن                   بسابغ الفضل من عـــرفانه كــــاس

ومن محبته ديني وخلتـــــــــــــــــــــه                   عقلي وروحي وجلاســـي وأحداسي

ومسمعي وفــــــــــؤادي وانبساط يدي                   ومقلتي ولساني بين جـــــــــــلاسي

يا سامعي إن تكــــن للســــــر ذا ظما                   فجىء لأحمـــــد ساقي السر بالكاس

رد ورده العذب واستنشـــــق روائحه                   تظفـــــر بأعطار ذاك الورد والآس

واستعمل الجـــــــد في تحصيل واجبه                  إن لم تكـــن في بساط القرب ذا ياس

واهـــــــــــرع إليه إذا ما كنت ذا ظما                  واســـــرع إلى الله مشاءً على الراس

وانهض فقـــــــــد لاح للإسعاد طالعه                  وقم ولا تك للإسعـــــــــــــــاد بالناس

واخلع ظلاما على قلب منعت بــــــــه                  أن تستضيء من المعنى بنبــــــراس

وما ظنونك بالــــــــــورد الذي نظمت                  يـــــــد النبوة هل يبنـــــــى بلا ساس

وما تظن بمنهاج لسالكــــــــــــــــــــه أمنُ من أهـــــــــوال نيران وأرماس

يا رب أدعـــــــــوك بالاسماوأعظمها وأعظم الرسل ذي الإحسان والبــاس

وحمـــــــــــــــــزة وعلي وابنه حسن مـــــــــــــع الحسين وزهراء وعباس

اجعل قلادة جيدي في أصابعـــــــــــه وارحم به قلبي المضنى بـــــه القاسي

وابعث له عند سمــــــع النظم مرحمة تنفـــــــــــــي علي شقاوتي وافلاسي

واجعــــــل نظامي وإن لانت مفاصله الا به أرتجــــــــــي محــواً لأرجاسي

وعــــــــــــم مثواه تسليما فليس سوى تسليم ذاتك كفء القطــب فـــي الناس×

«سيدي ابراهيم الرياحي »

(تـ 1266هـ)

 

قال العارف بالله سيدي أحمد سكيرج في كتابه "كشف الحجاب": "و منهم علامة الزمان بالإطلاق و فرد الأوان بلا شقاق، خاتمة المحققين و فاتحة أهل اليقين، الولي الكامل و الحجة الواصل، البركة الأجل و الغطريف الأفضل، أبي اسحاق سيدنا إبراهيم بن عبد القادر الرياحي التونسي رضي الله عنه. هذا السيد الجليل من أفاضل أصحاب سيدنا  رضي الله عنه  الذين حصلت لهم العناية الدائمة و نالوا الخلافة بعده في الهداية و الإرشاد و الأخذ بيد العباد أخذ الوالد الشفيق بيد أعز الأولاد.

و يقول الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي في صاحب الترجمة: "تخرج الشيخ إبراهيم الرياحي على أيدي العلماء الأعلام من أمثال المشائخ صالح الكواش، و محمد الفاسي، و عمر المحجوب، و حسن الشريف، و إسماعيل التميمي، و غيرهم كثير ممن لا يتسع المجال لمجرد ذكرهم و تعدادهم. و أجاز هؤلاء العلماء الأعلام الشيخ سيدي إبراهيم الرياحي فأخذ مكانه عن جدارة و استحقاق، و لم يلبث أن برز و ترقى في سلم المعارف و المعالي درجة بعد درجة، حتى تسنم أعلى الرتب و اجتمع فيه و له ما تفرق لدى غيره، فإذا به رحمه الله يجمع بين الإمامة الكبرى بجامع الزيتونة و رئاسة الفتوى، و هو ما لم يجتمع لأحد قبله".إهـ

و قال أيضا: "كما كان من العلماء الذين انبروا للرد على رسالة محمد بن عبد الوهاب التي وجهها إلى باي تونس و التي أحالها بدوره إلى شيوخ جامعة الزيتونة لتكون الإجابة التونسية علمية موضوعية، و هذا ما تم بالفعل عن طريق الشيخ عمر المحجوب و الشيخ اسماعيل التميمي و الشيخ إبراهيم الرياحي رحمهم الله".

و يقول أيضا: "و هو أول من سن إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف بسرد قصة حررها لمولد سيد الكائنات عليه الصلاة والسلام".إهـ

و ينقل لنا  الشيخ سيدي محمد الحافظ المصري رضي الله عنه في رسالته "السادسة" و قال: "ذكر مولانا زينة العلماء السيد محمد الخضر التونسي حفظه الله تعالى أنه "كان في زمنه كالعز بن عبد السلام المعروف بسلطان العلماء رضي الله عنه" إهـ

و يقول أيضا في نفس الرسالة عند ترجمة سيدي البشير بن سيدي محمد الزيتوني رضي الله عنه أن والد سيدي البشير قال لولده: "رح إلى سيدي إبراهيم الرياحي" و كان إذ ذاك شيخ الإسلام بالديار التونسية ....إلى أن قال: "فأعطاه الطريق و تولى تربيته".

و يقول العلامة الشيخ أبو عسكر في حق سيدي البشير كما نقل عنه الحافظ المصري في نفس الرسالة ص34: "كأنما تربى في حجر نبي" إهـ

و مما خطه قلم الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي في صاحب الترجمة قوله: "و هو أول من انتمى إلى الطريقة التجانية في تونس فقد تلقاها من الشيخ علي حرازم تلميذ سيدي احمد التيجاني عند زيارته إلى تونس وقد كان الشيخ إبراهيم الرياحي شاذليا مريدا للولي الشيخ البشير الزواوي المشيشي، و ذلك بعد أن استأذنه في ذلك و أذن له".إهـ

و قال سيدي أحمد سكيرج في كتابه "كشف الحجاب":

"و كان صاحب الترجمة رضي الله عنه  أولا على الطريق الشاذلية، و لما قدم للديار التونسية الخليفة سيدي الحاج على حرازم  رضي الله عنه  سنة إحدى عشر و مائتين و ألف (1211هـ)، اجتمع بصاحب الترجمة و تعرف به و نزل عنده في بيته بالمدرسة. و قويت الصحبة بينهما، و شاهد منه الكرامات التي لا تحصى، و سمع منه من مناقب سيدنا رضي الله عنه و فضائل طريقته ما لا يقف على حد استقصا. اشتاقت نفسه للدخول في هذه الطريقة المحمدية فصار يردد ذلك في خاطره مرة بعد أخرى، حتى أفصح له بالدخول فيها، من لقنه الطريقة الشاذلية و كان من أكابر المفتوح عليهم فتقلد حينئذ بوشاحها، و حل أقفال كنوز المعارف. و كان قبل الاجتماع بسيدنا علي حرازم رضي الله عنه رأى رؤية مبشرة له بنيل مقام من المقامات، و لما اجتمع به قصها عليه و عبرها له و حل له بعض رموزها، و واعده بحل الباقي، و أمره بالدخول في طريقته و امتثل الأمر، و صادف ما استكن عنده في الصور".إهـ...

قال العلامة عبد الباقي مفتاح في تأليفه المسمى "أضواء على الشيخ أحمد التجاني و أتباعه": "هو أبو إسحاق إبراهيم بن عبد القادربن الفقيه ابراهيم الطربلسي الذي يرتفع نسبه إلى آل البيت النبوي الشريف. نزل جده بعمل رياح و اشتغل بتعليم القرآن ثم انتقل ابنه عبد القادر إلى تستور، و بها ولد صاحب الترجمة عام 1180هـ. و حفظ القرآن ثم قدم تونس فأخذ عن أكابر علمائها، و رسخ في جميع علوم عصره .ثم تصدر للتدريس، و أخذ الطريقة الشاذلية عن شيخه البشير الذي ينتهي نسبه إلى عبد السلام ابن مشيش شيخ الشاذلي. و في سنة 1216هـ قدم سيدي علي حرازم إلى تونس و نزل عند المترجم له و رغبه في الانخراط في طريقة شيخه التجاني فاستجاب لذلك و مدحه بقصيدة مطلعها:

كرم الزمان و لم يكن بكريم *******وصفا و كان على الصفاء نديمي (إهـ)

 

و قال سيدي أحمد سكيرج في "كشف الحجاب": "و حـدثـني سيدي و مولاي أحـمد الـعبدلاوى  نفـعنا الله به في كيفيـة اجتماعـه بالخـليفة الأعظـم سيدي الحاج علي حـرازم رضي الله عنه، أنـه رضي الله عنه لـما وصل تونـس دخـل لأحـد مساجـدها، و كان ذلك المـسجد يدرس فيه أحد الـشيوخ الكبار العـلم الشريـف. و كان من جـملة الطـلبة الذين يـحضرون مـجلسه صاحب الترجـمة، فاتفق أن يـجلس قبل إتـيان الـشيخ الـمدرس لدرسه بـجنبه، و صار يتـحدث معه إلى أن سأله ما أحواله و ما السبب في ترحالـه، و ما مقصوده في ذلك كله. فأجـابه بما اقتـضاه حالـه في ذلك الوقت إلى أن قال له: "لا بد لـك من الدخول لطريق المعرفة، و ما جئت إلى هنا إلا من أجلك، و الدليل المقوي لصحيح اعتقادك فيما قلته لك هو أن الشـيخ لا يـأتي اليوم للدرس". فـتعجب صاحب الترجمة من أقواله و ما رآه من أحواله، و كان ذلـك الوقـت أول اجتماع به. فقال لـه: "إن لـم يأتي الشيخ اليوم فلابد أن يكون لك شأن عظيم عند الخاصة و العامة، و تظهر لك عندي الكرامة التامـة". ثم ثبت ما قاله الخليفة سيدنا الحاج علي رضي الله عنه بعدم مجيء الشيخ للدرس، فتشبث صاحب الترجمة بأذياله و طلب منه أن يذهب معه لبيته في المدرسة، و أن ينزل عنده فأجابه لذلك، و لازال الخيـر يأتـي إلى أهلـه من كل المسالك. فنزل عنده ببيته مدة إقامته بتونس، و تلقـى منه الطريقـة التجانيـة كما تقدم، و صار يأخذ عنه في تلك المدة معارف و أسرار و يقتبس من علومه أنوار، إلى أن قال له يوما: "لا بد أن تذهب سفيرا إلى بلاد المغرب و تتلاقى مع أميرها، وز يكون من أمرك كذا و كذا، فإن ذهبت لتلك الديار فعليك أولا بزيارة الشيخ رضي الله عنه، و الزمه طول المقام هناك في الليل و النهار". فصار صاحب الترجمة يتعجب من أن يكون له هذا الأمر بعد أن تحقق أن كل ما أخبره به سيدنا الحاج علي رضي الله عنه لابد من وقوعه.

و كان من قدر الله أن حدثت المسبغة بالبلاد التونسية سنة 1218هـ و احتاج الناس للسيرة من سلطنة المغرب، فأمر أمير تونس حموده باشا أن يذهب الشيخ سيدي سالح الكواش رضي الله عنه سفيرا لأجل ذلك إلى سلطان المغرب مولانا سليمان قدس الله روحه في الجنان، فاعتذر الشيخ المذكور لكبره و وهن عظمه و عدم قدرته على السفر مع تزايد سقمه، و أشار عليه بإرسال تلميذه صاحب الترجمة، و نوه بقدره عنده، و أنه إن أرسله ينل مقصوده. فأمر الأمير بتهييء صاحب الترجمة لهذا المقصد، و سافر إلى الديار  المغربية إلى أن وصل بالسلامة. و لما بلغ إلى حضرة فاس مشى أولا لدار سيدنا الشيخ رضي الله عنه، عملا بوصية الخليفة رضي الله عنه، و لما استفتح الباب أجابته خادم: "هل أنت إبراهيم الرياحي التونسي؟" فقال لها: "نعم". قالت له: "إن الشيخ أخبر بمجيئك و أذن لي في إدخالك من غير استئذان". فأدخلته فوجد بدار الشيخ رضي الله عنه جماعة من أصحابه الذين فازوا بالاجتماع بسيدنا  رضي الله عنه، ثم قدم إليه قدح من لبن فشربه. و بعد ذلك خرج إليه جناب سيدنا الشيخ رضي الله عنه من خلوته. و بعد أن أدى تحية الاجتماع به، أخبره سيدنا بوفاة شيخه صالح الكواش، و أنه كان في جنازته و ذلك يوم الاثنين السابع عشر من شوال سنة 1218هـ. و بعد ما قضى صاحب الترجمة وطره من الزيارة لجناب سيدنا رضي الله عنه، توجه للحضرة السلطانية فقابلته بما يليق بالجنابين من الإجلال و الإكرام، و صار يتردد إلى الجناب العالي إلى أن نال منتهى المرام، و رجع بالسلامة إلى قراره محرزا غاية آماله و أوطاره ...."إهـ

و يقول العلامة عبد الباقي مفتاح في تأليفه المسمى "أضواء على الشيخ أحمد التجاني وأتباعه": "و رجع الشيخ من سفارته بالغا غاية الأرب بعد أن التقى هناك بأكابر العلماء و أصحاب الإفتاء مثل مفتي بلد سلا محمد الطاهر بن الأمير السلاوي الذي أجازه. و في سنة 1248هـ قدمه الباشا حسين باي لرئاسة الفتوى. و في سنة 1252هـ أنابه الباشا مصطفى باي لأداء فريضة الحج. و في سنة 1255هـ قدمه المشير الأول أحمد باي للإمامة الكبرى بالجامع الأعظم بتونس. و قبل ذلك في سنة 1238هـ قدم إلى تونس المقدم التجاني الكبير الطاهر بن عبد الصادق القماري، فصحبه صاحب الترجمة في رجوعه إلى تماسين لزيارة الحاج علي التماسيني ...  و في سنة 1241هـ حج، و أسر اليونانيون المركب الذي فيه الشيخ و من معه من المسلمين، لكن لحسن الحظ جاءت ريح عاصفة و حال الموج بين المركبين و نجا المركب الذي فيه الشيخ. و اجتمع خلال سفره هذا بعلماء مصر و قد اعترف علماء المغرب العربي بمكانة صاحب الترجمة حتى لقب بسلطان العلماء تشبيها له بالعز بن عبد السلام، و كان يستفتونه من كل أنحاء القطر التونسي وجنوب الصحراء و الشرق الجزائري ..." 

ويقول الاستاذ محمد صلاح الدين المستاوي: "و تكرر تكليف سيدي إبراهيم الرياحي بسفارة ثانية، و كانت هذه المرة لدى السلطان العثماني في طلب إعفاء البلاد التونسية من ضريبة كانت مطالبة بها. و نجح سيدي إبراهيم الرياحي في هذه السفارة الثانية، و كان شعره الملهم هو رسوله الذي يستفتح به في قضاء حاجته، و كان مطلع هذا القصيد قوله: 

العز بالله للسلطان محمود *** ابن السلاطين محمود فمحمود (إهـ)

و قال العلامة سكيرج في "جنة الجاني":

و منهم إبراهيم الرياحـــــي        إمام أهل الفضل و الصلاح

قد عظمت رتبته في الخلق        و رسخت قدمه في الحــــق

و قد غــدا عن شيخنا خليفة        في هـــــذه الطريقة المنيفة

أكرم به من عارف باللــــه        به المعالي في العلا تباهـي

         فانتفع الناس به في نهجــه        و كان بدرا كاملا في أوجــه (إهـ)

فوصفه رضي الله عنه بخليفة الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه، و لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا دووه. و للعلامة سيدي ابراهيم الرياحي العديد من الأجوبة و التقاييد العلمية المفيدة منها: "مبرد الصوارم و الأسنة في الرد على من أخرج الشيخ التجاني عن دائرة أهل السنة"، و منظومة في علم النحو، و حاشية على الفاكهاني، و غير ذلك من المصنفات الأخرى.

وكانت وفاته رحمه الله في 27 رمضان عام 1266هـ. قال العارف بالله العلامة سيدي أحمد سكيرج في كتابه "رفع النقاب": توفي في 1266هـ، فعمره 86 عاما صرفه في طاعة مولاه، في عيشة راضية مجتهدا في جلب الخير لأهل قطره، و دفع الشر عنهم في نهيه و أمره، و انتفع على يده الجم الغفير بأخذ العلم عنه و تلقين الأوراد لطلابها، و إدخالهم للسعادة من أبوابها، و ارشادهم بالحال و المقال، و الهمة في كل ملمة مهمة. و قد حضر مشهد جنازته الأمير و المأمور، و تبرك بتشييعها الخاصة و الجمهور، و دفن بزاويته المعروفة بتونس قرب حوانيت عاشور، و رثاه تلميذه الشيخ محمد الباجي المسعود بقصيدة يقول فيها:

أليس مصاب ابراهيم خطب      يعم جميع أهل الأرض طرا (إهـ)

و قد ترجم له سيدي العربي ابن السائح في "البغية" عند قول "المنية" في تعداد بعض العلماء الجلة الذين حصل لهم الفتح على يد سيدنا  رضي الله عنه:

و التونسي العالم الرياحي*****جمع بين العلم و الصلاح

ما نصه:

"و أما رابعهم فهو شيخ الإسلام و قدوة الأنام، حامل لواء العلم و العرفان المخصوص حيا و ميتا برحمة الصريخ و إغاثة اللهفان، ناصر هذه الطريقة الأحمدية و حامي ذمارها و مطلع شموسها و أقمارها، الشيخ أبو إسحاق سيدنا إبراهيم الرياحي التونسي  رضي الله عنه و أرضاه و نفعنا بمحبته و رضاه. و شهرته بالتبريز في ميادين العلم و العمل و الولاية الكبرى في سائر الآفاق، كافية عن التعرض لتفصيل مجمل ذلك في هذه الأوراق، و حسب مثلي عند ذكر مآثره الإطراق، هيبة لجلالة ذلك المقام و أن يكون قصارى أمره في ذلك العي و الإفحام" إهـ".

و قال سيدي سكيرج رضي الله عنه: "و كان صاحب الترجمة ذا همة عالية أبية لا ترضى بسفاسف الأمور، و لا يحب إلا سلوك الطريقة السنية سيما الطريقة التجانية ذات المواهب العرفانية، و قد ألف تأليفا في الرد على بعض المنكرين على طريقة سيدنا رضي الله عنه سماه بـ "مبرد الصوارم و الأسنة في الرد على من أخرج الشيخ التجاني عن دائرة أهل السنة"، قال فيه بعد الخطب: "اعلم أن الشيخ المشار إليه من الرجال الذين طار صيتهم في الآفاق، و سارت بأحاديث بركاتـهم و تـمكنهم في علمي الظاهـر و الباطـن طوائف الرفـاق، و كـلامه في المـعارف و غـيرها من أصدق الشواهـد على ذلك. و لقد اجتمـعت به في زاويته بفـاس مرارا و بـداره أيـضا منها، و صليت خلـفه صلاة العصر، فما رأيت أتقـن لـها منه و لا أطـول سجودا و قيـاما، و فرحت كثـيرا برؤية صلاة السلف الصالح، و لخـفة صلاة الناس اليوم جدا كادوا أن لا يقتـدي بهم.." الخ. "و كان السبب في تأليـفه صدق مـحبته في جناب سيدنا رضي الله عنه، مع شدة اتباعه لطريق الـحـق و عدم سكوته على الباطل إن رآه.

و لمـا بلغ خـبر هذا التأليف سـيدنا رضي الله عنه كتب لصاحب الترجـمة و لأخـويه في العلم و الطريقة و الشاربـين من منهل الحقيقة سيدي محمد بن المــشري و سيـدي مـحمود التونسي رضي الله عن الجميع مانصه:

"بسم الله الرحمان الرحيم و صلى الله على سيدنا و مولانا محمد و على آله و صحبه و سلم، بعد حمد الله جل جلاله و تقدست أسماؤه و صفاته و تعالى عزه و تقدس مجده و كرمه، يصل الكتاب إلى أحبابنا و أعز الناس لدينا سيدي محمد بن المشري و سيدي محمود التونسي و سيدي إبراهيم الرياحي التونسي. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و إنعامه و إبراره، من المسلم عليكم أحمد بن محمد التجاني و بعد،

"نسأل الله تعالى أن يقبل عليكم بفضله و رضاه، و أن يجعلكم في ديوان الصديقين، و أن يحرسكم بعين رعايته، و أن يحفظكم من جميع المخاوف و المكاره، و أن يغمركم في رضاه إلى الاستقرار في عليين آمين. يليه، إن الكتاب الذي جمعه سيدنا إبراهيم الرياحي في الرد على من طعن فينا و نسبنا إلى الاعتزال و النكير، فلا تلتفتوا لكلامه و لا تبالوا به و لا تهتموا من شأنه، و إنما هو رجل أعماه الحسد و استولى الران  على قلبه، و ليس هو من فرسان هذا الميدان حتى تلتفتوا إليه، و إنما هو كما قيل ليس بعشك فادرجي، و لنا  في الرسل عليهم الصلاة و السلام أسوة، نسبوا إلى الشعر و إلى الجنون و إلى الكهانة و إلى السحر، و ما التفتوا إليه و ما همهم أمر من نسبهم إلى ذلك. حاصل الكلام، مطلق الحادث و القديم، إنما هو أسماء و مسميات، الأسماء هي صورة كلام المتكلم و المسميات هي مدلولات الكلام الذي يدل عليها كلام المتكلم، فكلام الحق سبحانه و تعالى وصف قائم بذاته لا ينفك عنها، و هو عين تلك الأسماء المعبر عنها عين المسميات، فالأسماء كلها قديمة أزلية لأنها عين الكلام الأزلي، فلا يصح الحدوث فيها بوجه و لا بحال، و هي في هذه المرتبة يستوي فيها القديم و الحادث، و المسميات التي دخلت تلك الأسماء بعضها قديم و بعضها حادث، فالمسميات هي المدلولات، لا يصح فيها أن تنتقل لفهم المتكلم الحادث مثلا، و الكلام الأزلي لا يصح أن يقال إنه قرآن  في حق الذات المقدسة و إنما يقال فيه كلام. و لكن اعرضوا عن كلام هذا الجاهل و لا تلتفتوا إليه و استأنسوا بقوله تعالى (و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته و الله عليم حكيم) إلى قوله تعالى (و إن الظالمين لفي شقاق بعيد) (و ليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك  فيؤمنوا به فتخبت لهم قلوبهم، و إن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم) (و لا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم * الملك يومئذ لله يحكم بينهم ، فالذين آمنوا و عملوا الصالحات في جنات النعيم * و الذين كفروا و كذبوا بآياتنا لهم عذاب مهين * و الذين هاجروا سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا و إن الله لهو خير الرازقين * ليدخلنه مدخلا يرضونه و إن الله لعليم حليم) و قوله: (و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس و الجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، و لو شاء ربك ما فعلوه فذرهم و ما يفترون * و لتصغي إليهم أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة و ليرضوه و يقترفوا ما هم مقترفون). و لكن الأمر هين اتركوه في  عماه، يقو ل كيف شاء و السلام، و صلى الله على سيدنا محمد و آله" إهـ

و يقول سيدي أحمد سكيرج رضي الله عنه في "كشف الحجاب": "و من جملة الرسائل التي خاطبه سيدي الشيخ التجاني رضي الله تعالى عنه بها، لما طلب منه الإذن في الطريق المحمدية قوله رضي الله عنه:

"بعد البسملة و الحمدلة و الصلاة على النبي  صلى الله عليه و سلم، إلى حبيبنا الفقيه الأنبل النبيه الأفضل أبي إسحاق سيدنا إبراهيم الرياحي بتونس، سلام الله و تحيته و رحمته و بركاته و إبراره و رضوانه و إحسانه و إكرامه و إنعامه و إعظامه، عليك و على آلك و من لاذ بجنابك من الأهل و الجيران ما تعاقبت الأعصار و الأزمان، و إني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو.

"أما بعد، فقد و صلنا كتابك الكريم و خطابك السليم، فقد أجزت و أذنت في ذكر الورد الكريم المبارك العظيم، فشد حزامك فيما بصدده، و أيقظ نفسك من غفلتها، و لا تعطها طوعا في بطالتها، فإن الأمر جد لا هزل، و قف على ساق الجد و الكد فإن الفقير الناقض لميثاقه عقوباته شديدة و حسراته عديدة، و كن على يقين من أمرك و لا تهمل ما كفيت و لا تعاط ما استكفيت، فإن طريقتنا المحمدية هذه قد خصت من عند الله عز و جل بخصوصية على سائر السبل، يكل اللسان عن تبيين حقيقتها، و لا ينتظم  فيها و لا يأوي إليها إلا المقبول فضلا من الله عز و جل، و لو كشف الغطاء عنها لصبا إليها أعيان الأقطاب، كما يصبو رعاة السنين إلى الغمام، و لو لا ما نهيت أصحابي عن التصريح لأحد بالأخذ لها لكان الواجب في حق كل من نصح الأمة جبر الناس عليها و الإتيان إليها، و لكن لا مندوحة عن الوقوف عندما حـد، فتنبه و تبصر و لا تغتر إذ الطرق كلها آخذة لحجزتها، لأنها أصل كليـة الطرق، منذ نشأة العـالم إلى النفـخ في الصـور بوعد صادق من سيد الوجود صلى الله عليه و سلم. ثم أذنت لك إذنا  كليا كافيا متماديا من الآن إلى الأبد بلا تبديل و لا تحويل بشرط قطع زيارة الصالحين بحذافيرهم  إلا النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه رضوان الله عليهم لا غير. و قد من الله علينا بجوهر الكمال  أن كل من ذكرها اثني عشر مرة على طهارة كاملة و قال: "هذه هدية لك يا رسول الله" فكأنما زاره صلى الله عليه و سلم في روضته الشريفة، و كأنما زار أولياء الله الصالحين من هجرته صلى الله عليه و سلم إلى حين الذكر. فتنبـه رحمك الله إلى هذه المنح العظيمة و اليواقيت النفيسة التي من الله الكريم بها علينا  من دون سائر الـطوائف. و طريقتنا مكتومـة إلا عن سيـد الوجـود صـلى الله عليه و سلـم، فإنه عالم بها و بحالهـا، جعلنا الله و إياكم ممن تمسك بها و انخرط في سلكها في الحياة و في الممـات، في سلامة و عافيـة و أمانة إلى الاستقرار في أعلى عليين بجوار سيد المرسلين. و إياك ثم إياك العـجز و الكسل و الحرج و التـواني فيما أمـرت به و الـجلوس في مـوضع الريب و الضلال. و أوصيك بتـقوى الله في السر و في العلانية و اتباع السنة في كل قاصية و دانية و شاذة و فاذة في الأقوال و الأفـعال، و الرضى عن الله في الإقـلال و الإكثار، و الإقبال على الله و مراقبـته في جميع الأحوال، و الإعراض عن الخلق في الإقبال و الإدبار، و تحكيم السنة على جميع الخطرات. وعليكم بالاستقامة في جميع  الحركات و السكنات. و أصيكم بالصبر، و بمصاحبة الذكر، و الـجثوم إلى الله بكليتكم بشرط ترك الفـضول، و الصبر على الأذى أقرب للسلامة و أحـمد في الـعاقبـة. و أسألـه تعالى أن يرزقـكم  تسديده و توفيـقه و تأييـده، و أن يسـعدكم و أن يتـولى أمركم بمـا تولى به خواص عباده الـمحبوبين لديـه و أهل الصديـقية العظمى و الولاية الكـبرى، بجـاه المصطـفى صلى الله عليه و سـلم، و أن يـجعلكم في كـفالته و كفايتـه و كلاءتـه و ولايـته و وقايته و هدايته و حراسته و حـياطته و غـفرانه و صيانـته و عزته و منعته، إنه المـستعان و عليه التكلان، و أن يجعلكم من أوليائه الذيـن ذكروه خوفا و طمعا و تعظيما لجلاله، و أن يكسوكم حللا من نسـج مودتـه، و أن يلبـسكم الـنور الساطع من مسرته، و أن يوقفكم على باب النظر من قربه، و أن يطهر أبدانكم بمراقبته، و أن يطيبكم بطيب أهل معاملته، و أن يضع على رؤوسكم تيجان مسرته، و أن يرفع لكم أعـلام الـهداية إلى مواصلـته، و أن يجـلسكم على كراسي أهـل معرفتـه، و أن يشفي عللكم كـلها بحكمتـه، إنـه ولي ذلك و القادر عليه، و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم تسليما" اهـ

و يقول سيدي أحمد سكيرج رضي الله عنه: "و بفضل نشاطه في الدعوة إلى الطريقة انتشرت التجانية في الأوساط العلمية و أوساط الحكام بتونس خصوصا في الشمال، كما انتشرت في جنوبها بفضل نشاط الطاهر بن عبد الصادق القماري حتى بلغ عدد الزوايا فيها أكثر من عشرين زاوية من أولها زاوية السبخا أو الدرايب بتونس التي أسست على يد الحاج سالم الجبالي و مقدمها حينذاك الحاج عمر بن سليمان الزواوي، و زاوية أخرى قرب حوانيت عاشور، و زاوية الشيخ إبراهيم الرياحي. و حسب إحصائيات أتباع الطرق الصوفية في تونس سنة 1925هـ في الأرشيف الوطني فإن عدد أتباع التجانية في القطر التونسي في ذلك العهد بلغ 16094 مريدا ينتسبون إلى 24 زاوية..."

"و في ذلك يقول أحد علماء الزيتونة الشيخ مناشو في رده على انتقادات مجلة "المنار" لرشيد رضا ضد التجانية: "هذه نسخة مكتوبة لصاحب "المنار" في الرد على ما جاء في خاتمة المجلد السادس والعشرين من هجاء الطريقة التجانية زادها الله نورا و انتشارا أرسل إليه في 09 ذي القعدة الحرام سنة 1344هـ .....إلى أن قال: "إن طريقته –أي الشيخ أحمد التجاني – لم تنتشر بواسطة الملوك بل بواسطة العلماء، فقد كان أول ناشر لها بيننا رأس الفتوى و الإمام الأكبر بالجامع الأعظم و شيخ شيوخ القطر مولانا الشيخ سيدي إبراهيم الرياحي مجيز علماء المشرق و المغرب، و تداول سنده من بعده من شيوخ الفتوى و القضاء بالمذهبين الحنفي و المالكي ما يزيد على الأربعين من آل بيرم، و آل النيفر، و آل الخوجة، و آل الشاهد، و آل الشريف، و آل حسين، و آل جعيط، و سواهم جمهور عظيم من أئمة و مدرسين و أمراء و وزراء و سراة، و فضلاء، و من لم يدخل زمرتهم لم يتوقف عن الاعتراف بالفضل لهذا الإمام، و الكل شحيح بدينه غير مخدوع في يقينه. أفلا يصعب عليك، و أنت تنتسب إلى الرؤوف الرحيم ذي الخلق العظيم أن ترمي، قبل التثبت، جمعا كهذا الجمع، العلماء بالابتداع، و الأمراء بالتأييد، و المعاشرين بالمصانعة، و الدهماء بضعف العقول. لست أسرد لك العلماء و الملوك لأحملك على تقليدهم، فما أنا بالذي يحتج بمثل هذا، و لا أنت ممن يدعي بمثل ذاك، و لكن لأحملك على الاعتدال. فإن عدم المبالاة بالناس ثمرة الاعتداد بالنفس ..".إلخ إهـ. نقل هذا النص من كتاب "قمع التعصب لأعداء التجاني في المشرق و المغرب"، و مؤلفه محمد مناشو كان مدرسا للعلوم من الطبقة العليا بجامع الزيتونة و بالخلدونية و مدير المدرسة القرآنية الأهلية بتونس" إنتهى.×

«منية المريد»

أحمد بن بابا بن أحمد العلوي الشنجيطي (تـ بعد 1260هـ/1844م)
×

 

في نظم ''منية المريد''، يعرض سيدي أحمد بن بابا العلوي المالكي المغربي الشنقيطي ما ينبغي للمريد الصادق، بصدد أخذ ورد الطريقة التجانية، معرفته و لا يستغني عن مراجعته. و النظم مقسم إلى ثلاثة أجزاء:

- الجزء الأول: مقدمة المؤلف، التعريف بالشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه (نسبه الشريف، تعليمه، رحلاته، تدريسه، اتصالاته و لقاءاته، إدراكه مقامه، فضائل طريقته، كراماته و مناقبه) أصحابه رضي الله عنهم،

- الجزء الثاني: سند الورد وبعض فضائله، صفة المقدم، ما يلزم من أراد أخذ الورد، و ما يلزمه بعد أخذه، وقت الورد، شروطه و ما يلحق بها، أركان الورد

- الجزء الثالث: وقت الوظيفة، بقية شروطها الزائدة على ما تقدم، فضل الوظيفة، أركان الوظيفة، حضرة الجمعة

- خاتمة في فضل الياقوتة الفريدة، و ''جوهرة الكمال'' في مدح سيد الرجال.

 

يقول أبو المواهب سيدي العربي ابن السائح في مقدمة كتابه ''بغية المستفيد'' الذي هو شرح لنظم ''متية المريد'':

''...قد كنت، حين قادني رائد العناية الأزلية الذي ليس إلا عليه المدار...، فألهمت فضلاً من الله تعالى الانتماء لجانب هذا الشيخ العظيم – أي الشيخ سيدي أحمد التجاني - ... لقيت من أصحابه الذين أخذوا عنه علومه و أسراره... و لازموه إلى أن فارقوه و هو عنهم راض جماعة وافرة، ... فتلقيت ممن تأهل منهم للتلقين ورده المحمدي الشريف... و رويت عنهم من طريق الإجازة العامة جميع ما عليه كتاب "جواهر المعاني" من الأوراد و الأذكار، و تلقيت منهم سماعاً شرح الكثير من مسائله الجليلة القدر و فوائده العظيمة المقدار. و ذاكرتهم بطريق الإستفادة منهم و الأخذ عنهم في كثير مما لم يشتمل عليه هذا الكتاب، مما يوجد زائداً على ما فيه بغيره من المؤلفات و التقاييد التي بأيدي الأصحاب. فاجتمع عندي بحمد الله من ذلك نبذة كافية و جملة شافية، مما يحتاج إليه المسترشد المستفيد و لا يستغني عن مراجعته المرشد المفيد. فكنت أهمّ كثيراً باستحفاظي ذلك رسالة تشمل عليه، ليعم النفع به لمن عسى أن يحتاج من الإخوان و الأولاد إليه...''

''و بقيت أتردّد في ذلك منذ أعوام مضين من عمري و أزمان، إلى أن اشتعل منّي الفودان، و ارتحل عني زمان الشبيبة و بان. ثم نظرت فإذا هاتيك الشموس الواضحة الإشراق، و البدور الكوامل من تلك العصابة قد أفلت من هذه الآفاق. و اقشعرّت البلاد لفقد أنوارهم أي اقشعرار، و فوح نبتها اليانع بعد الإخضرار. و اتّخذ جلّ من خلفهم من الأتباع هذا الأمر وراءهم ظهريا، حتّى كاد أن يصير حديثه فيما بينهم نسياً منسيا. بيد أنّي رأيت جماعة من خاصة الفضلاء و أفراد الأذكياء النبلاء، لا زالوا يساءلون عنه بغاية الجدّ و الإجتهاد، و ينقّبون عن جهينة خبره في سائر الأغوار و الأنجاد. فعلمت أنّه لا بدّ لكلّ مغفول عنه أن ينتبه إليه و يطلب، و لكلّ مرغوب عنه أن يرغب فيه و يخطب. فانبعث منّي بسبب ذلك على جمع ما كنت أتردّد في جمعه الباعث القوي، و انقدح في باطني من الإقدام عليه زند وري''.

''فبينا أنا أستخير الله في الشروع فيه المرّة بعد المرّة و أستقدره ... إذ ورد علينا في غفلة من موانع الحوادث و صوارف صروف الدّهر، ورود الفرح و لا فرح الظمآن فاجأه القطر، بعض المحبين ممّن جاور بالحرمين الشريفين عدّة من  السنين، بهذه المنظومة العظيمة القدر الجليلة السنا و الفخر، المسماة "منية المريد" ليوافق اسمها مسمّاه بتوفيق الرّبّ المجيد، التي هي من إنشاء أخينا في الله سبحانه و صفيّنا و حبيبنا الأخصّ و وليّنا، أعجوبة الدّهر في كرم الأخلاق و لطف الشمائل و غرّة العصر، الجامع لشتات الفواضل و الفضائل، الفقيه الأديب العلامة، المشارك الألمعي الأريب أبي العباس سيدي أحمد المدعو التجاني ابن العلامة سيدي بابا الشنجيطي العلوي...''.

''غير أن بعض السادات الأجلاء، و السرّاة الأخلاّء، ممّن يتعيّن عليّ القيام بحقوقه الأكيدة، لما هو عليه من حسن المؤاخاة في الله تعالى و السيرة الحميدة، ألحّ عليّ مرات عديدة في وضع تعليق عليها يكون كالتتّمات و التكميلات لكلماتها الجامعة  المفيدة، و التحصيلات لجملها النافعة و أقوالها الراجحة السديدة. فحداني ذلك ... على أن لبَّيت بعد الإستخارة دعوته ... و شرعت فيما التمسه منّي من التقييد على أبيات هذه القصيدة المباركة بقدر الإستطاعة... و سمّيته [بغية المستفيد لشرح منية المريد]''.

«أحمد بن بابا الشنقيطي التجاني »

(بعد 1260هـ/ بعد 1844م)

 

أحمد بن بابا بن عثمان بن محمد بن عبد الرحمن ابن الطالب الشنقيطي، التجاني، العلوي (أبو العباس)، فقيه من فقهاء المالكية، أديب، عالم مشارك. ولد و تعلم بشنقيط، و حج فمر ببلاد الواسطة و الجريد و تونس فالبلاد المشرقية. و تصوف بالطريقة التجانية.

يصفه أبو المواهب سيدي العربي ابن السائح في مقدمة كتابه ''بغية المستفيد'' الذي هو شرح لنظم ''متية المريد'' لصاحب الترجمة:

''...أخينا في الله سبحانه، و صفيّنا، و حبيبنا الأخصّ و وليّنا، أعجوبة الدّهر في كرم الأخلاق و لطف الشمائل، و غرّة العصر الجامع لشتات الفواضل و الفضائل، الفقيه الأديب العلامة، المشارك الألمعي الأريب، أبي العباس سيدي أحمد المدعو التجاني ابن العلامة سيدي بابا الشنجيطي العلوي....''

 

صنف سيدي أحمد بن بابا عددا من المؤلفات نذكر من بينها:

- كتاب عن رحلته إلى الحجاز ذكر فيه من لقيهم من الأعلام، مبتدئا بأشياخه الذين قرأ عليهم في بلده

- أرجوزة نظم فيها الورقات لإمام الحرمين،

- أرجوزة في الأزواج الطاهرات وما له صلى الله عليه وسلم منهن من البنين و البنات

- منظومة ''منية المريد'' التي يعرض فيها ما ينبغي للمريد الصادق، بصدد أخذ ورد الطريقة التجانية، معرفته و لا يستغني عن مراجعته

- كتاب ''أحزاب و أوراد''

- كتاب ''بلوغ الأماني في مناقب سيدي أحمد التجاني''

- كتاب ''الفتوحات الربانية في الطريقة الأحمدية التجانية''.

و يبقى نظم ''منية المريد'' من أشهر مصنفاته لما يشمل من فوائد جمة لمريدي الطريقة التجانية، و حيث وضع أبو المواهب سيدي العربي ابن السائح شرحا له ضمنه كتابه ''بغية المستفيد لشرح منية المريد'' الذي يعتبر أهم مرجع لمريدي الطريقة.

كما حث أبو المواهب أيضا أحد أصحابه على وضع شرح لأرجوزة سيدي أحمد بن بابا في الأزواج الطاهرات وما له صلى الله عليه وسلم منهن من البنين والبنات.

و توفي سيدي أحمد بن بابا الشنقيطي بالمدينة المنورة في أوائل العشرة السادسة بعد المائتين وألف. ×