التعريف بالشيخ | ذكر جماعةً ممن اشتُهروا بالعلم و الصلاح

ذكر جماعةً ممن اشتُهروا بالعلم و الصلاح
ممن أخذوا عن سيدنا


ثم
ذكر النَّاظمُ رحمه الله تعالى جماعةً ممن اشتُهروا بالعلم والصلاح مم أخذوا عن سيدنا على طريق التمثيل بهم أيضاً، كما تقدَّم، وإن كانوا لا يأتي عليهم الحصر فقال:

 

 

(وكمْ إمامّ عالِمّ عَلاَّمة

مِنْ وِردْ شيخِنا الإمامِ

كترجٍمان العِلم والقُرآن

والعُمريّ السّيد الحفيان

والعَلَويِّ حَبرِ شنجيط العَلَم

والتُونسيِّ العَالِم الرِّياحي

وغيرِهمْ مِنْ عُلماء السُّنة

 

نَقَّادةً ورّاكةً نهَّاقة

حتَّى تضلَّع وفازَ بالمرَدْ

السَّالكِ العَلاَّمةِ الوَذَّاني

ذِي العِلم والصَّلاحِ والعِرفانِ

الطَّالِبِ العلاَّمةِ البَحرِ الخِضَمْ

جَامعٍ بينَ العِلْم والصَّلاحِ

أهلِ الفَضائلِ وأهلِ المِنَّهْ)

 

 هذا الذي أشار إليه في هذه الأبيات هو من قبيل الكرامات أيضاً، لما فيه من ظهور صورة الفتح على يد الشيخ فيمن ذكر من هؤلاء الأعلام، الذين مثْل النَّاظم بهم في هذا المقامو وألفاظُ الأبياتِ وسبكها مما لا يحتاج إلى التطويلِ به، وقدِ اشتملتْ على أربعةٍ من أعيان الصدور وصدور الأعيان، وما هم في هذه الطريقة السنية إلا من أشْهَدِ الأركان.فأوّلهم: هو العلاَّمة الأوحد، الإمام المبرِّز الفاضلُ الأمجد، سيدي (محمد المدعو السالك ابن الإمام)، ولم يحضرنا الآن من تفاصيل أخبارٍ ما نثبتُه في هذا الديوان، وكفاه تحلية النَّاظم إياه بترجمان العلم والقرآن.و(الوداني) نسبة إلى ودّان : بلدة بصحراء شنجيط معروفة، ولم تزل كونها دارَ علمٍ ومقرّ خيرٍ وصلاحٍ إى الآن موصوفة(1).

ثانيهم: هو العلاَّمة الأستاذ المقري المشارك الفاضل (أبو عبد الله سيدي محمد بالفتح المدعو الحفيان) آل الشيخ الكبير والقطب الشهير سيدي محمد الشرقي العمري تعالى ورضي عنه، رحل من بلده في طلب العلم إلى مراكش (2) فأخذ القراءات وأحكامها عن ابن عمهالولي الصالح الزاهد الورع الأستاذ المبرز سيدي محمد بن عبد السلام الشرقي دفين روضة القطب الأكبر سيدي محمد بن سليمان الجزولي (3) ، وسمع بها شيئاً من الحديث، ثم رحل إلى فال فأقام بها مدَّةً وقرأ بها على غير واحد من مشايخها، وفي هذه المدة لقي الشيخ وأخذ عنه وِرْدَه وصحِبَه وانتفع بصحبته نفعاً ظاهراً.

وحدَّثني قدَّس الله سرَّه عن سبب اجتماعه بالشيخ وأخذه عنه، فقال: كان لي رفيق من الطلبة من أولاد أبي السباع، وكان من أنجب طلبةِ الوقت وأشدِّهم عنايةً بأخْذِ العلم والقيام بالديانة، وكان قد أخذَ عن الشيخ وِرْدَه وانخرطَ في سلك أهل طريقته، فكنتُ إذا وجدْتُه يذكر أورادَه وهو على غياة ما يكون من الخشوعِ والحضور وغضِّ الطرف والاستغراق في الذكر أهزَأُ به كالمداعبِ له، وأقول له : أيّ شيء تصنعُ وما هذا الشغل الذي أنت فيه؟ فكان يصبرُ لي ويستمرُّ على عمله، فإذا قضى غرضَه من ذلك أقبل عليّ وذكرني وتلطَّف معي في الوعظ والتنفير عن الاستهزاء بأهل نسبة الله تعالى، وربما ذكر لي الشيخ بما يرغبني في الأخذ عنه، فلما كان ذاتَ ليلةٍ وقد فعلت معه مثل ذلك وبالغْتُ فيه التفتَ إلي بعدما قضى ذِكْره وكلَّمني في ذلك وذكرني بجِدٍّ وبعض تعنيف على وجه النصيحة لي، فلم أشعرْ أن قلت له: رن أردتَ أن أدخلَ معك في هذا الأمر فأرني كرامةً يطمئنّ بها قلبي لما تقوله، فقال لي: وهل أنت فاعلٌ إن رأيتَ كرامة؟ فقلت: نعم إن شاء الله، وقد كان مضى من الليل القدرُ الذي ينامُ فيه الناس وتسدُّ أبوابُ السكك بحيث لا يفتح الموكَّلونَ بغَلْقِها إلا لمن عرفوا أنه من أهل الحوْمَةِ مثلاً بعد مشقةٍ تلحَقُه معهم في ذلك، كما هو معلوم، قال: فتوافقت مع الرفيق المذكورِ على أننا إن قصَدْنا دار الشيخ في ذلك الوقت ولم يتعذَّرْ لنا فتحُ الأبواب التي بين المدرسة التي نحن نازلون بها وبين داره، وهي كثيرة، ولا يتعذّر علينا أيضاً لقى الشيخ في ذلك الوقت فإن ذلك يكفيني كرامةً  وَلا أرجعُ حتى آخذ عنه ، فنهضَ الرفيقُ بشدَّة عزمٍ وقال لي : قم بنا، ففتحنا المدرسة وخرَجْنا قاصدين دار الشيخ ، فكلَّما أقبلْنا على بابِ دربٍ أو سوقٍ وجدْناه مفتوحاً، وكذلك حوانيتُ أهل الأسواق مفتوحةً، والمصابيح موقدة بها، وأنا لا أشكّ أن ذلك ليس من عادة أهل البلد، وأن ذلك خرقَ عادةٍ، فأخذني من ذلك رعبٌ عظيم ولم نزلْ كذلك حتى أقبلنا على باب دار الشيخ فإذا الضوءُ يظهرُ لنا ببابها، فلما انتهينا إلى الباب استأذنَ الرفيقُ فإذا الشيخ جالس كالمتهيِّىء للقينا المنتظر لنا، فأدَّينا الواجبَ من التسليم عليه وجلسن بين يديه، فرحَّب بنا وأقبل بكليته علينا، ثم طلبت منه التلقينَ، فمنَّ الله تعالى عليّ بمساعدته لي علي أحسن ما ينبغي في الحين، ثم رجعنا والأبوابُ على حالها وكذلك الحوانيت، فلما دخلْنا المدرسة سمِعْنا بعضَ المؤذنين بالقرويين ممن عادته أن لا يؤذِّن إلا بعد مضي ثلثِ اللَّيل. قال صاحبُ الترجمة قدّس الله ثواه: وهذا أولُ خارقٍ اتفقَ لي مع الشيخ، ثم شاهدتُ بعد ذلك ما لا يكاد ينحصر قلت: وقد حدثني من ذلك بشيءٍ كثير، وقد أثبتُّ بعضه في هذا التقييد، ولا يمكنني استيفاء ترجمته تفصيلاً الآن، والله المستعان.

وأما ثالثهم : فهو إمام جيلِهِ والعالم المشارُ إليه بين أهل جلدته وقبيلته (أبو عبد الله شيدي محمد الطالب المدعو الطالب) جد الشنجيطي العلوي من قبيلة الناظم رحمه الله، وقد ذكره هو والسيد السالك المتقدِّم ذكره في كتاب »الجيش الكبير«، ووصفهما بالإمامةِ والجلالة والقدر الخطير، ويكفي هذا السيد الجليل القدر تحليةُ الناظم له بالحبر والبحر،  أجمعين ونفعنا بمحبَّتهم آمين.

وأما رابعهم: فهو شيخ الإسلام وقدوة الأنام حاملُ لواء العلم والعرفان، المخصوص حياً وميتاً برحمةِ الصريخ وإغاثة اللهفان، ناصرُ هذه الطريقة الأحمدية وحامي ذمارها ومطلع شُموسِها وأقمارها، (الشيخ أبو إسحاق سيدنا إبراهيم الرياحي التونسي)، وأرضاه ونفعنا بمحبّته ورضاه، وشهرتُه بالتبريز في مدائن العلم والعمل والولاية الكبرى في سائر الآفاق كافيةٌ عن التعرض لتفصيل مجمل ذلك في هذه الأوراق، وحسب مثلي عند ذكر مآثرِه الإصراقُ، هيبةً لجلالة ذلك المقام، وأن يكون قصارى أمره في ذلك العيّ والإفحا. اللهمَّ إنِّي أسألك يا مولاي يا رب ذا الجلال والإكرام بجاهِ ما لهذا السيد عندك من أكيدِ الذمَّة، وما لشيخه لديك من عظيم الحرمة، أن تجعلني وإخواني وأحبابي في حمى حمايتهم وأن لا تخرجني دنيا وأخرى عن ظلال عنايتهم آمين، وآخرُ دعوان أن الحمد لله ربّ العالمين.

وقول النَّاظم رحمه الله تعالى : (وغيرهم من علماء السنة) إلخ أشارَ به إلى ما قدمناه من أنه إنما قصد بمن ذكرَه من هؤلاء السادات التمثيل لا غير، ولا تقصير يلزمه في ذلك ولا لوم ولا ضير. ومن هذا »الغير «الذي أشار إليه رحمه الله تعالى العالم العلامة الإمام الفاضل المبرز الهمام أبو محمد سيدي عبد السلام ابن الشيخ الكبير العلم الشهير أبي عبد الله سيدنا المعطي بن صالح الشرقي، مؤلف» دخيرةِ المحتاج«  ، فإنه وَرَدَ على الشيخ لما حلَّ بفاس ولم يشخصْه من بلدِه إلا ذلك، وذلك بعد أن كان يراسله حين كان بالصحراء، فلقِيَه بجامع الديوان من محروسة فاس، وأخذ عنه وِرْدَه.

وحدَّذ عنه بعض من حضر لقيه وأخذه عن الشيخ وهو من أعيان أهل فاس ورؤسائهم ومن خدام الشيخ المعطي ومحبيه أنه رزى سيدي عبد السلام حين قام من بين يدي الشيخ قد أخذته الرُّحَضاء(4) وهو مصفرُّ الوجه يكرِّر قوله »: الحمد لله هذا هو الشيخ الذي كنت أترقَّبه في الغيب منذ زمان.« توفي هذا السيد بفاس وصلى عليه الشيخ ، ودُفِن بزاوية أبيه المعروفة بحومة النواعريين، وقبره بها مشهورٌ يتبرَّكُ به رحمه الله تعالى.

ومنهم شيخ الشيوخ : العالم العلاَّمة (أبو زيد سيدي عبد الرحمن بن أحمد الشنجيطي) المذكور في طالعة هذا التقييد، كان إماماً جليلاً في سائر العلوم، وكان يدرِّس بفاس العليا وكان جميعُ نجباء وقْته يأتونَ من فاس الإدريسية على أرجلهم لحضورِ مجلسِه، وتخرج منهم على يدِه جماعةٌ حسبما هو مصرَّح به في بعض الفهارس لبعضهم، كان هذا السيد قدَّس الله سرَّه قبل أن يأخذ عن الشيخ مبجِّلاً له بالخصوصية الكبرى مسلماً أن علمه من علوم العارفين الكبار أهل الكشف الصحيح.

حدَّثني سيدي محمد الحفيان المتقدم ذكرُه قدَّس الله سرَّه عن رفيقه السيد السباعي المذكور، أنه كان قبل أخْذِه عن الشيخ يقرأ على هذا الشيخ صاحب الترجمة بالمسجد الأعظم بفاس العليا، فلم يلبثوا ذاتَ يوم أن دخل الشيخ عليهم ومعه بعضُ أصحابه، فقام إلى سارية يصلي تحية المسجدِ والشيخ سيدي عبد الرحمن ينظر إليه وربما شغل بالنظرِ إليه عن بعضِ ما يقرِّره لهم، فلما رأى الشيخ سلم من صلاته وقطع القراءة وقال لتلاميذته: قوموا بنا نتبرَّكْ بهذا الشيخ، فقاموا مسرعين له وهم يعتقدون أنه لا أحدَ يبلغ درجته في العمل والعلم، فجلس بين يدي الشيخ بأدبٍ ووقار، وطلب منه الدعاء له ولتلامذته فأسعفه بذلك، ثم سأله عن بعض ما كان أهمَّه من المسائل فأجابه سيدنا الشيخ بما تبيَّن له به ألحق والصواب، ثم أمَرَه أن يرجع إلى محلِّ درْسِه ويكمل نصابه، ولما انصرف الشيخ وقضى الفقيهُ درسَه قال له السيد السباعي : يا سيدي والله ما اتخذناك شيخاً وقصرنا النظر عليك إلا لتيقُّننا أنه لا أحد أعلم منك في مغربنا، ثمّ إنك قمتَ  إلى هذا الرجل الصحراوي المعصّب رأسه بخيط وبرِ الإبل، فسألته عن تلك المسائل ثم أذعنت لجوابه فقال له : اسكت يا بني فو الله الذي لا إلَه إلاَّ هو ما أعلمُ على وجْهِ الأرض أعلمَ منه، وهذه المقالةُ كانت سببَ تعلق قلبِ السيد السباعي بجانب الشيخ حتى أخذ عنه ، وقد قدمنا تاريخَ وفاتِه في طالعة الكتاب.

وحدَّثني بعضُ الأصحاب من المبرزين ي العلم والفضل أن سبب مرض هذا السيد الذي توفي منه أن بعضَ أهل فاس كانت عنده دعوةٌ فدعاه من جملةِ من دعاه من العلماء والأماثل فباتوا عندَه، فلما كانوا في أثناء الليل أخذوا يتذاكرون أخبارَ صلحاء الوقت فتناولَ بعضُهم جَانبَ الشيخ بشيء من الإنكار وساعَدَه بعضُ الحاضرين على ذلك وهذا السيد سيدي عبد الرحمن مستحضر للجواب عن ذلك فلم يردّ عليهم بشيء فأخذته سنة في تلك الحال فرأى الشيخ وكأنه انقضَّ عليه من الهواء، فقال له ما لكَ لم تتكلَّم وما تصنع ههنا؟ ثم أخذَه بقوةٍ وصعِدَ به في الهواء فانتبه مرعوباً وأحسَّ بألم في ذاته من حينه، فكان ذلك سبب مرَضِه الذي توفِّي منه، ولما احتُضِر كان يحدث بذلك تنبيهاً للغير وتنويهاً بشأن الشيخ ، وفي هذا القدر الذي ذكرناه على قوله وغيرهم من علماء السنة إلخ كفاية، والله المستعان.

ثم قال رحمه الله تعالى مجملاً لبعض ما فصَّله في الأبيات قبل هذه ومتمماً للكلام في الكرامات :

(لا شَكَّ أنَّ شيْخنا التِّجاني

 

مُمرُّ كلِّ عارفٍ صمراني

يعطي ويَمنعُ ويَسلبُ فمَنْ

 

كمِثلهِ مِن الوَرَى في ذا الزَّمنْ

ومعْ ما ترى مِن الخَوارقِ

 

عَلى يَدَيْ هذا الإمامِ الفَائِق

يَخفي الخَوارقَ خَفاءَ غَايه

 

ويبغضَا المَرْعي الوَلايه

وكانَ ينهَى النَّاسَ مِنْ دَعْواها

 

مخافة السُّقوط في بَلواها

(الإمداد) هنا إفاضة المدد على الغير، و(المعرفة) تقدَّم ما يشير إلى حقيقتها عند أهل الطريق. و(الصمدانية) درجة في المعرفة معروفة عندهم، والموصوف بها من العارفين هو الصمداني : أي الذي يصمدُ إليه في طريق الإرادة ويرجع إلى علْمِه وهممِه في التسليك. والإفادة، وباقي ألفاظ الأبيات واضح.

يقول: إنَّما ذكرت من ذكرته ممن اشتهر من تلامذة شيخنا ، بالولاية والصلاح والعلم والعمل والرشد والفلاح، فصداً للتمثيل فيما رُمْتُه وانتحيت مَنْحاه، من بيان ثبوتِ هذه الكرامة التي هي ظهورُ صورة الفتح في الغير على يد سيدنا وأرضاه، وإلا فلا شكَّ عندنا أنه مُمِدُّ العارفين وغوثُ الأولياء والصالحين، لما أُوليه من خطَّة الخلافة والتصريف، وما أُوتيه من خصوصية الكمال في مقامِ الكَتْم الشامخ المنيف، فلا جَرْم أن الله تعالى ملَّكه زمامَ المنْجِ والأسرار العرفانية، وجعل بيدِه الأعطاء والمنعَ بحكم المشيئة الربانية، وهذا مع ما أجراه الله تعالى على يد هذا الشيخ الكامل الهمام مما ذُكِر ومما لم يذكرْ من الخوارق العظام، فقد كان يخفي ما اتفق له منها غاية وال يقبل من غيره التظاهر بقولٍ أو فعل يشير إلى الولاية، وكان ينهى عن دعوى الفقر والاختصاص ولا يقرُّ على ذلك أحداً لا من العوامِّ ولا من الخواص، وذلك مخافة التردِّي في مهواة بلواها التي لا يمكن منها الخلاص، نسألُ الله تعالى العصمة الكاملة والعافية الدائمة والنعمة الشاملة بمحضِ كرمه وجوده آمين.

وكأن النَّاظم رحمه الله تعالى لاحَظَ فيما عقده في البيت الأولى والذي بعده من هذه الأبيات قوله في «الجواهر» بعد وصفه لسيدنا بالخلافة الكبرى والنيابة العظمى ما نصّه: فهو يجلبُ بربِّه ويدفع، ويضعُ بهمَّته ويرفع، ويرفى بإذن الله وينزل، ويولي بأمرِ الله سبحانه ويعزل اهـ.

وأما الأبيات الثلاثة فظاهرٌ أنه عقد فيها ما وَصَفه به في الجواهر من تبرُّئهِ من الدعوى أتمَّ براءة وتنصُّله منها غاية التنصُّل وأنه لم يكن يقبلُ من أحدٍ ما يشير إليها، وإذا حكى شيئاً مما اتفق له من الكرامات أو ما يشيرُ إليها نسبه إلى نسبه إلى مجهولٍ فيقول: وقع لبعض الناس أو نحو ذلك، وربما اتفق الاجتماع بمن حضر ذلك فيخبر بأنه شاهدَ ذلك منه وحَضَره، وأنه كان يشدِّد النكير في دعوى الفقر ويقول: إلى الآن ما حصلت لنا التوبة والإيمان الكامل، وأنه  كان كثيراً ما يستعيذ بالله من الدعوى ويقول: إن عقوبتها الموتُ على سوء الخاتمة، والعياذ بالله تعالى، انظر «الجواهر».

وقول النَّاظم «مخافة السقوط» إلخ مختمل لا يكون أشارَ به إلى هذا الوعيد الشديد، بل ربما تعيَّن حملُه عليه بقرينة تعبيره بالسقوط الذي هو التردِّي من أعلى إلى أسفل والعباذ بالله تعالى.

وهنا انتهى ما قصد النَّاظم رحمه الله تعالى ذكره من التعريف بسنده قدَّس الله سره ويليه ما قصد ذكره من سند وِرْدِه الشريف وبعض ما اختصَّ به آخذه من الفضل المفخم المنيف مع استطراد بعض ما أكرم به من يحب هذا الإمام الأعظم والملاذ الأعز الأكرم وأرضاه، ومتَّعنا وسائرَ الإخوان بمحبته ورضاه.

وإلى ما قصد ذكره من ذلك أشارَ رحمه الله تعالى فقال:


 

 

***


(1) ودَّان : في معجم البلدان : 365/5 ثلاثة مواضع : أحدها بين مكة والمدينة، وأخرى جبل طويل بين فيد والجبلين، وودان (هذه) مدينة بإفريقية افتتحها عقبة بن عامر في سنة (16 هـ) أيام معاوية.

(2) مراكش : أعظم مدينة بالمغرب وأجلها، وبها سرير ملك بني عبد المؤمن، وهي في البر الأعظم بينها وبين البحر عشرة أيام في وسط بلاد البربر، وكان أول من اختطها يوسف بن تاشفين من الملثمين نحو سنة (470هـ). انظر معجم البلدان:94/5 .  

(2) الكِراء : الاستئجار.
(3)
محمد بن سليمان بن داود بن بشر الجزولي السملالي الشاذلي، من أهل سوسن المراكشية، تفقه بفاس وحفظ المدوَّنة »في فقه مالك وغيرها، وحج وقام بسياحة طويلة ثم استقر بفاس وبها ألف كتابه »دلائل الخيرات«. وكان له أتباع يسمون» الجزولية «من الشاذلية. ومات مسموماً سنة (870هـ).انظر جذوة الاقتباس: 3، والضوء اللامع: 196/11، وجامع كرامات الأولياء: 165/1، والخزانة التيمورية: 59/3.

(4) الرُّحضاء : العَرَق الكثر يغسل الجلد، والعَرَق إثر الحمَّى، والحُمَّى بعَرَق.