خزانة أبي المواهب | كتب التفسير-الحديث-الشمائل المحمدية

خزانة أبي المواهب
كتب التفسير-الحديث-الشمائل المحمدية


اضغط على صورة واجهة الكتاب للتعريف بالمصنف، على اسم المؤلف للتعريف بصاحبه، و على عنوان أو أجزاء الكتاب لتحميله كليا أو جزئيا (عند توفره).


« التفسير الكبير المسند للقرآن العظيم» - ابن مردويه (323-410هـ)
مرويات ابن مردويه في التفسير-الفاتحة-المائدة

« التفسير الكبير» أو «مفاتيح الغيب» - الفخر الرازي (544-606هـ)
تفسير الرازي-1-الفاتحة ، تفسير الرازي-2-البقرة-1-34 ، تفسير الرازي-3-البقرة-35-109 ، تفسير الرازي-4-البقرة-110-167 ، تفسير الرازي-5-البقرة-168-210 ، تفسير الرازي-6-البقرة-211-254 ، تفسير الرازي-7-البقرة-255-آل عمران25 ، تفسير الرازي-8-اآل عمران26-129 ، تفسير الرازي-9-اآل عمران130-النساء-16 ، تفسير الرازي-10-االنساء-17-93 ، تفسير الرازي-11-االنساء-94-المائدة-43 ، تفسير الرازي-12-المائدة-44-الأنعام-53 ، تفسير الرازي-13-الأنعام-54-152 ، تفسير الرازي-14-الأنعام-153-الأعراف-145 ، تفسير الرازي-15-الأعراف-146-التوبة-13 ، تفسير الرازي-16-التوبة-14-آخرها ، تفسير الرازي-17-يونس-هود-44 ، تفسير الرازي-18-هود-45-الرعد-2 ، تفسير الرازي-19-الرعد-3-النحل-11 ، تفسير الرازي-20-النحل-12-الإسراء-60 ، تفسير الرازي-21-االإسراء-61-مريم ، تفسير الرازي-22-اطه-لأنبياء ، تفسير الرازي-23-االحج-النور-35 ، تفسير الرازي-24تفسير الرازي-24 تفسير الرازي-25-القصص-56-سبأ ، تفسير الرازي-26-افاطر-الزمر-52 ، تفسير الرازي-27-االزمر-53-الجاثية ، تفسير الرازي-28-االأحقاف-النجم-29 ، تفسير الرازي-29-النجم-30-الصف ، تفسير الرازي-30-االجمعة-المرسلات ، تفسير الرازي-31-النبأ-االضحى ، تفسير الرازي-32-االشرح-االناس.

« الدر المنثور في التفسير بالمأثور» - الإمام جلال الدين السيوطي (المتوفى عام 911هـ)
الدر المنثور-0-المقدمة-تحقيق، الدر المنثور-1-الفابحة-البقرة141، الدر المنثور-2-البقرة142-232، الدر المنثور-3-البقرة233-آل عمران132، الدر المنثور-4-آل عمران133-النساء113، الدر المنثور-5-النساء114-المائدة120، الدر المنثور-6-الأنعام-الأعراف، الدر المنثور-7-الأنفال-يونس، الدر المنثور-8-هود-الحجر، الدر المنثور-9-النحل-الكهف، الدر المنثور-10-مريم-النور26، الدر المنثور-11-النور27-الأحزاب22، الدر المنثور-12-الأحزاب23-الزمر، الدر المنثور-13-غافر-الطور، الدر المنثور-14-النجم-نوح، الدر المنثور-15-الجن-الناس، الدر المنثور-16-17-الفهرست.

« صحيح البخاري» - الإمام البخاري (194-256هـ)
صحيح الإمام البخاري-مقدمة، صحيح الإمام البخاري-مجلد-1، صحيح الإمام البخاري-مجلد-2، صحيح الإمام البخاري-مجلد-3، صحيح الإمام البخاري-مجلد-4، صحيح الإمام البخاري-مجلد-5، صحيح الإمام البخاري-مجلد-6، صحيح الإمام البخاري-مجلد-7، صحيح الإمام البخاري-مجلد-8، صحيح الإمام البخاري-مجلد-9،

« إرْشَادُ السَّارِي لِشرح صَحِيح البخَاري» - الشيخ القسطلاني (851-923هـ/1448-1517م)
إرْشَادُ السَّارِي-ج0، إرْشَادُ السَّارِي-ج1، إرْشَادُ السَّارِي-ج2، إرْشَادُ السَّارِي-ج3، إرْشَادُ السَّارِي-ج4، إرْشَادُ السَّارِي-ج5، إرْشَادُ السَّارِي-ج6، إرْشَادُ السَّارِي-ج7، إرْشَادُ السَّارِي-ج8، إرْشَادُ السَّارِي-ج9، إرْشَادُ السَّارِي-ج10.

«الشفاء بتعريف حقوق المصطفى» - القاضي عياض (476-544هـ/1083-1149م)

«نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض» - الشهاب الخفاجي (977-1069هـ/1569-1659م)
نسيم الرياض-الواجهة، نسيم الرياض-1، نسيم الرياض-2، نسيم الرياض-3، نسيم الرياض-4، نسيم الرياض-5، نسيم الرياض-6.

«نوادر الأصول في معرفة أحادبث الرسول» - الحكيم محمد بن علي الترمذي (تـ 285هـ)
نوادر الأصول-1، نوادر الأصول-2، نوادر الأصول-3، نوادر الأصول-4، نوادر الأصول-5، نوادر الأصول-6، نوادر الأصول-7.

«عدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين» - الشيخ شمس الدين ابن الجزري (751-833هـ)
عدة الحصن الحصين-مطبوع حجري، عدة الحصن الحصين-مطبوع.

«تحفة المخلصين بشرح عدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين» - الشيخ الإمام محمد بن عبد القادر الفاسي (1042-1116هـ)
النسخة الإلكترونية للكتاب غير متوفرة

«التفسير الكبير المسند للقرآن العظيم»

ابن مردويه (323-410هـ)

كتاب لتفسير القرآن الكريم بالمأثور للإمام ابن مردويه، و الذي يعد من المصادر الأصلية في التفسير بالمأثور، و يؤيد ذلك كثرة نقول من بعده منه و اعتماد الكثير من الحفاظ و العلماء الأجلاء عليه، كابن كثير، و الزيلعي، و ابن حجر العسقلاني، و السيوطي و غيرهم.
قال الحافظ الذهبي في ''السير'': ''يقع في سبع مجلدات، ذكره كل من ترجم له. و قد اهتم العلماء به و اعتمدوا عليه من بعده، كابن كثير، و الزيلعي، و ابن حجر، و السيوطي، و غيرهم، بل إن الحافظ ابن كثير أكثر النقل منه، و كذا السيوطي في ''الدر''".
و تتفق آراء المحققين على أن التفسير بالمأثور مقدم على غيره من التفاسير. و التفسير بالمأثور يعني تفسير القرآن بالقرآن، ثم تفسيره بالسنة النبوية، ثم بأقوال الصحابة لاسيما الذين اشتهروا بتفسير القرآن، كالخلفاء الراشدين الأربعة، و أكثرهم كلاما في التفسير سيدنا علي بن أبي طالب، ثم من بعدهم سيدنا عبد الله بن مسعود، و سيدنا أبي بن كعب، و سيدنا الحبر عبد الله بن عباس، و غيرهم رضي الله عنهم أجمعين، ثم التابعين الذين اشتهرت أقوالهم في التفسير كسيدنا مجاهد بن جبر، و سيدنا سعيد بن جبير، و سيدنا عكرمة مولى ابن عباس، و سيدنا الحسن البصري، و غيرهم. إلا أن بعض كتب التفسير بالمأثور افتقدت حاليا، و منها ''التفسير الكبير'' للإمام ابن مردويه الذي يعد من المصادر الأصلية في التفسير بالمأثور، و يؤيد ذلك كثرة نقول من بعده منه و اعتماد الكثير من الحفاظ و العلماء الأجلاء عليه، كابن كثير، و الزيلعي، و ابن حجر العسقلاني، و السيوطي و غيرهم.
و تخفيفا من أثر فقدان هذا السفر الجليل تم جمع ما وجد من روايات هذا التفسير العظيم المبثوثة في بطون الكتب التي نقلت منه في، و ذلك في إطار أربع أبحاث جامعية، الأول منها تحت عنوان ''مرويات ابن مردويه في التفسير'' المتعلق بالربع الأول من القرآن الكريم، من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة المائدة. ×
ابن مردويه (323-410هـ)

أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه (323هـ-410هـ/935م-1019م)
أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك بن موسى بن جعفر الأصبهاني، و يقال له ابن مردويه الكبير. ولد سنة 323هـ، أحد رواة الحديث النبوي، يلقب بـ "محدث أصبهان"، حافظ مؤرخ، مفسر، من أهل أصبهان. صاحب "التفسير الكبير" في سبع مجلدات، و "مسند" و "المستخرج على صحيح البخاري" في الحديث، وله كتاب "التاريخ" و كتاب "الأمالي"، و "التشهد و طرقه و ألفاظه" في مجلد صغير. مات لست بقين من رمضان سنة 410 هـ، عن سبع وثمانين سنة.
قال أبو بكر بن أبي علي و ذكر أبا بكر بن مردويه: "هو أكبر من أن ندل عليه وعلى فضله و علمه و سيره، و أشهر بالكثرة و الثقة من أن يوصف حديثه، أبقاه الله و متعه بمحاسنه".
قال أبو موسى في ترجمة ابن مردويه: "سمعت أبي، يحكي عمن سمع أبا بكر بن مردويه يقول: "ما كتبت بعد العصر شيئا قط، و عميت قبل كل أحد" يعني من أقرانه، و سمعت أنه كان يملي حفظا بعدما عمي. و سمعت الإمام إسماعيل يقول: "لو كان ابن مردويه خراسانيا، كان صيته أكثر من صيت الحاكم"".
قال أبو نعيم الحداد: "سمعت أبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه يقول: "رأيت من أحوال جدي من الديانة في الرواية ما قضيت منه العجب من تثبته و إتقانه، و أهدى له كبير حلاوة، فقال: "إن قبلتها فلا آذن لك بعد في دخول داري، و إن ترجع به تزد علي كرامة"".
حدث عن أبيه أبي عمران بحديث سمعه من إبراهيم بن متويه، و قد ومات أبوه سنة 356 هـ. قال الذهبي: "و روى عن أبي سهل بن زياد القطان، و ميمون بن إسحاق، و عبد الله بن إسحاق الخراساني، و محمد بن عبد الله بن علم الصفار، و إسماعيل بن علي الخطبي، و محمد بن علي بن دحيم الشيباني الكوفي، و إسحاق بن محمد بن علي الكوفي، و أبي بكر محمد بن عبيد الله الشافعي، و أحمد بن عبد الله بن دليل، و محمد بن أحمد بن علي الأسواري، و أحمد بن عيسى الخفاف، و أحمد بندار الشعار، و أحمد بن محمد بن عاصم الكراني، و أبي أحمد العسال، و أبي إسحاق بن حمزة، و سليمان الطبراني، و خلق كثير".
و حدث عنه: أبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي العطار، و أبو عمرو عبد الوهاب و أبو القاسم عبد الرحمن ابنا الحافظ ابن منده، و أبو الخير محمد بن أحمد بن ررا، و القاضي أبو منصور بن شكرويه، و أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن سليم، و سليمان بن إبراهيم الحافظ، و أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، و أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي، و أبو مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف، وخلق كثير. ×

«التفسير الكبير» أو «مفاتيح الغيب»

الفخر الرازي (544-606هـ)

"التفسير الكبير" أو "مفاتيح الغيب" هو كتاب تفسير للقرآن من تأليف شيخ الإسلام الإمام فخر الدين الرازي (الفخر الرازي) (544 - 606هـ).
وهذا التفسير يعتبر أهم تفاسير المدرسة التفسيرية بالرأي المحمود، بل وأفضلها على الإطلاق. إذ يعد موسوعة علمية متخصصة في مجال الدين الإسلامي عامة، وعلم التفسير على وجه الخصوص. بالإضافة إلى ذلك، أنه عمدة التفاسير العقلية للقرآن الذي يمثل ذروة المحاولة العقلية لفهم القرآن، بل هو مستودع ضخم للتوجيهات العقلية والأقوال النظرية في التفسير. ويعد تفسيراً شاملاً لكونه اشتمل على الجمع بين التفسير بالعقل السليم والنقل الصحيح، فضلاً عن شموله لأبحاث فياضة تضم أنواعاً شتى من مسائل العلوم المختلفة. و هو من أطول التفاسير القديمة والحديثة، وأكثرها تفصيلاً وعرضاً للآراء، ومناقشة للمعتقدات والمذاهب المختلفة. ×

الفخر الرازي

(544-606هـ)

فخر الدين الرازي هو شيخ الإسلام، العلامة، الفقيه، المفسر، الفيلسوف، المتكلم، المناظر، المؤرخ، عالم اللغة، الطبيب والشاعر، مجدد القرن السادس الهجري، الإمام فخر الدين  أبو المعالي وأبو عبدالله محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي القرشي التيمي البكري، الطبرستاني الأصل، الرازي المولد، الشافعي الأشعري، المعروف بالفخر الرازي، ويقال له ابن خطيب الري.
أحد فقهاء الشافعية المشاهير بالتصانيف الكبار والصغار، وكان عارفاً بالأدب، له شعر بالعربي وشعر بالفارسي.
  ولد في مدينة الري شهر رمضان عام 544 هـ. والرازي نسبة إلى مدينة الري التي ولد فيها، والطبرستاني نسبة إلى بلدة طبرستان، نسب إليها لأن أسرته كانت فيها قبل مغادرتها للإقامة في الري، والقرشي نسبة إلى قبيلة قريش، والتيمي نسبة إلى تيم قريش قبيلة أبي بكر الصديق.
نشأ الرازي نشأة علمية في أحضان والده ضياء الدين عمر الخطيب. أخذ عن والده، وهو أحد أئمة الإسلام مقدما في علم الكلام، أخذه عن ابن القاسم الأنصاري تلميذ إمام الحرمين وكان فصيح اللسان فقيها أصوليا متكلما صوفيا خطيبا محدثا وأديبا، وكان والده من تلامذة البغوي. و بعد وفاة والده تتلمذ الرازي على الكمال السمعاني، والمجد الجيلي، و غيرهم من العلماء الذي عاصرهم. جمع كثيراً من العلوم ونبغ فيها، فكان إماماً في علم التفسير، علم الكلام، العلوم العقلية، علوم اللغة العربية، المنطق والفلسفة، الفقه والأصول، التاريخ والفلك، الرياضة والهندسة، الطب والكيمياء وغيرها من العلوم مما يشير إلى سعة دائرة معلوماته وثقافته.
تذكر له كتب التراجم مؤلفات عديدة اختلف في تعدادها، فقد جعلها البعض نيفا و سبعين كتاباً، في حين جعلها البعض الآخر تصل إلى مائتي كتاب.
 أشهرها:
تفسيره الكبير " التفسير الحافل" ، و كتاب "المطالب العالية من العلم الإلهي"، "أساس التقديس"، "اعتقادات فرق المسلمين والمشركين"، "أصول الفقه" و "المحصول في علم أصول الفقه"، و "الأربعين" و "المسائل الخمسون في أصول الدين"، "معالم أصول الدين"، "محصل  أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين"، و "نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز". و منها أيضا "المباحث الشرقية"، كما صنف ترجمة الشافعي في مجلد مفيد.
كانت له عبادات و أوراد، وكان معظماً عند الملوك، في خوارزم وغيرها، وبنيت له مدارس كثيرة في بلدان شتى. وكان يحضر في مجلس وعظه الملوك والوزراء والعلماء والأمراء والفقراء والعامة.
و امتلك من الذهب الإبريز ثمانين ألف دينار وغير ذلك من الأمتعة والمراكب والأثاث والملابس، وكان له خمسون مملوكاً من الترك.
وكان مع غزارة علمه في فن الكلام يقول: "من لزم مذهب العجائز كان هو الفائز"، وقد ذكرت وصيته عند موته وأنه رجع عن مذهب الكلام فيها إلى طريقة السلف و تسليم ما ورد على وجه المراد اللائق بجلال الله سبحانه
وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة في كتابه: "كان يعظ وينال من الكرامية ـ أتباع محمد بن كرام و هم من المجسمة المشبهة ـ وينالون منه سباً وتكفيراً بالكبائر و يبغضونه ويبالغون في الحط عليه. وقيل إنهم وضعوا عليه من سقاه سماً فمات ففرحوا بموته".
و كانت وفاة الإمام الرازي بهراة يوم الإثنين، الأول من يوم عيد الفطر، و قيل في ذي الحجة، عام 606 هجرية.
قال عنه الزركلي في كتابه "الأعلام": "الإمام المفسر، أوحد زمانه في المعقول والمنقول وعلوم الأوائل. وهو قرشي النسب، أصله من طبرستان، ومولده في الري وإليها نسبته." وقال عنه صلاح الدين الصفدي في "الوافي بالوفيات": "وكان شديد الحرص جداً في العلوم الشرعية والحكمة اجتمع له خمسة أشياء ما جمعها الله لغيره فيما علمته من أمثاله وهي: سعة العبارة في القدرة على الكلام، وصحة الذهن، والاطلاع الذي ما عليه مزيد، والحافظة المستوعبة، والذاكرة التي تعينه على ما يريده في تقرير الأدلة والبراهين. وكان فيه قوة جدلية ونظره دقيق، وكان عارفاً بالأدب له شعر بالعربي ليس في الطبقة العليا ولا السفلى وشعر بالفارسي لعله يكون فيه مجيداً."
وقال ابن خلكان: "فريد عصره، ونسيج وحده، فاق أهل زمانه في علم الكلام و المعقولات، له التصانيف المفيدة في فنون عديدة، منها تفسير القرآن الكريم، جمع فيه كل غريب وغريبة و هو كبير جداً لم يكمله"!
وقال الذهبي في السير: "علامة كبير، ذو فنون.. وقال في تاريخ الإسلام: قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة في تاريخه: انتشرت في الآفاق مصنفات فخر الدين الرازي وتلامذته، كان إذا ركب مشى حوله نحو ثلاثمئة تلميذ: فقهاء وغيرهم. وكان خوارزم شاه يأتي إليه، وكان شديد الحرص جداً في العلوم الشرعية والحكمية حاد الذهن، كثير البراعة، قوي النظر في صناعة الطب، عارفاً بالأدب، له شعر بالفارسي والعربي، وكان ربع القامة كبير اللحية في صورته فخامة، كانوا يقصدونه من البلاد على اختلاف مطالبهم في العلوم وتفننهم، فكان كل منهم يجد عنده النهاية القصوى فيما يرومه منه"

وقال القفطي: قرأ علوم الأوائل وأجادها، وحقق علم الأصول، ودخل خراسان ووقف على تصانيف أبي علي بن سينا والفارابي، وعلم من ذلك علماً كثيراً.

وقال طاش كبرى زاده: "إمام المتكلمين، ذو الباع الواسع في تعليق العلوم، والاجتماع بالشائع من حقائق المنطوق والمفهوم، بحر ليس للبحر ما عنده من الجواهر، وحبر سما على السما، وأين للسماء مثل ما له من الزواهر، وروضة علم تستقل الرياض نفسها أن تحاكي ما لديه من الأزاهر، انتظمت بقدره العظيم عقود الملة الإسلامية، وانتظمت بدره النظيم ثغور المحمدية، وخاض من العلوم في بحار عميقة، وراض النفس في دفع أهل البدع وسلوك الطريقة، وأما الشرعيات: تفسيراً وفقهاً وأصولاً وغيرها، فكان بحراً لا يجارى، وبدراً ـ إلا أن هداه ـ يشرق نهاراً!، هذا وصف طاش كبرى زاده في كتابه "مفتاح دار السعادة"".
 ×

«الدر المنثور في التفسير بالمأثور»

للإمام جلال الدين السيوطي (المتوفى عام 911هـ)

 × يعد الكتاب مختصرًا لكتاب "ترجمان القرآن" للمؤلف نفسه، اختصره المصنف بهدف التيسير، فاستبعد العنعنات المطولة و الأسانيد المسلسلة، و ذكر فيه ما أثر عن النبي و الصحابة و التابعين من تفسير، مقتصرًا فيه على متون الأحاديث، مصدرًا كل ما ينقله بالعزم و التخريج إلى كل كتاب رجع إليه. و قد جمع فيه السيوطي ما ورد عن الصحابة و التابعين في تفسير الآيات، و ضمنه ما ورد فيها من الأحاديث المخرجة من كتب الصحاح و السنن و بقية كتب الحديث، مقتصرًا على متن الحديث.
الإمام جلال الدين السيوطي
(المتوفى عام 911هـ)

 × عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد سابق الدين خن الخضيري الأسيوطي المشهور باسم جلال الدين السيوطي، (القاهرة 849هـ/1445م- القاهرة 911هـ/1505 م) من كبار علماء المسلمين.
اسمه عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري الأسيوطي. ولد السيوطي مساء يوم الأحد غرة شهر رجب من سنة 849هـ، المـوافق سبتمبر من عام 1445م، في القاهرة. كان سليل أسرة اشتهرت بالعلم و التدين. رحل أبوه من أسيوط لدراسة العلم فكان من العلماء الصالحين ذوي المكانة الرفيعة التي جعلت بعض أبناء العلماء والوجهاء يتلقون العلم على يديه.
توفي والد السيوطي و لابنه من العمر ست سنوات، فنشأ يتيمًا، واتجه إلى حفظ القرآن، فأتم حفظه وهو دون الثامنة. ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل "العمدة"، و "منهاج الفقه و الأصول"، و "ألفية ابن مالك"، فاتسعت مداركه و زادت معارفه. و كان السيوطي محل العناية و الرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، و تولى بعضهم أمر الوصاية عليه، و منهم الكمال بن الهمام الحنفي أحد كبار فقهاء عصره، و تأثر به السيوطي تأثرًا كبيرًا خاصة في ابتعاده عن السلاطين و أرباب الدولة.
و جلس السيوطي للإفتاء عام 871 هـ/1466م، وأملى الحديث في العام التالي، وكان واسع العلم غزير المعرفة، يقول عن نفسه: "رُزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع"، بالإضافة إلى أصول الفقه والجدل، والقراءات التي تعلمها بنفسه، والطب، غير أنه لم يقترب من علمي الحساب والمنطق. ويقول: "وقد كملت عندي الآن آلات الاجتهاد بحمد الله، أقول ذلك تحدثًا بنعمة الله لا فخرًا، وأي شيء في الدنيا حتى يطلب تحصيلها في الفخر؟!". وكان الطلاب يقبلون على الحلقات العلمية التي يعقدها السيوطي، حيث عُيّن في أول الأمر مدرسًا للفقه بـ "الشيخونية"، و هي المدرسة التي كان يلقي فيها أبوه دروسه من قبل، ثم جلس لإملاء الحديث و الإفتاء بجامع ابن طولون، ثم تولى مشيخة الخانقاه البيبرسية التي كانت تمتلئ برجال الصوفية. ثم تجرد للعبادة و التأليف عندما بلغ سن الأربعين. و كان يقول: "إني ترجيت من نعم الله و فضله أن أكون المبعوث على هذه المائة، لانفرادي عليها بالتبحر في أنواع العلوم".
زادت مؤلفات السيوطي على الثلاثمائة كتاب و رسالة. عدّ له بروكلمان 415 مؤلفا، و أحصى له حاجي خليفة في كتابه "كشف الظنون" حوالي 576 مؤلفا، و وصل بها البعض كابن إياس إلى 600 مؤلف.
من مؤلفاته في علوم القرآن و التفسير: "الإتقان في علوم التفسير"، و "متشابه القرآن"، و " الإكليل في استنباط التنزيل"، و "مفاتح الغيب في التفسير"، و "طبقات المفسرين"، و "الألفية في القراءات العشر".
أما الحديث و علومه، فكان السيوطي يحفظ مائتي ألف حديث كما روى عن نفسه، و كان مغرما بجمع الحديث و استقصائه. لذلك ألف عشرات الكتب في هذا المجال منها: "إسعاف المبطأ في رجال الموطأ"، و " تنوير الحوالك في شرح مو طأ الإمام مالك"، و "جمع الجوامع"، و " الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة"، و "المنتقى من شعب الإيمان للبيهقي"، و "أسماء المدلسين"، و "آداب الفتيا"، و "طبقات الحفاظ".
و في الفقه ألف "الأشباه و النظائر في فقه الإمام الشافعي"، و "الحاوي في الفتاوي"، و "الجامع في الفرائض"، و "تشنيف الأسماع بمسائل الإجماع".
و في اللغة و علومها كان له فيها أكثر من مائة كتاب و رسالة منها: "المزهر في اللغة"، و "الأشباه و النظائر في اللغة"، و "الاقتراح في النحو"، و "التوشيح على التوضيح"، و "المهذب فيما ورد في القرآن من المعرب"، و "البهجة المرضية في شرح ألفية ابن مالك".
و في ميدان البديع كان له: "عقود الجمان في علم المعاني و البيان"، و "الجمع و التفريق في شرح النظم البديع"، و "فتح الجليل للعبد الذليل".
و في التاريخ و الطبقات ألف أكثر من 55 كتابًا و رسالة يأتي في مقدمتها: "حسن المحاضرة في أخبار مصر و القاهرة"، و "تاريخ الخلفاء"، و "الشماريخ في علم التاريخ"، و "تاريخ الملك الأشرف قايتباي"، و "عين الإصابة في معرفة الصحابة"، و "بغية الوعاة في طبقات النحاة"، و "نظم العقيان في أعيان الأعيان"، و "در السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة"، و "طبقات الأصوليين".
و من مؤلفاته الأخرى الطريفة: "منهل اللطايف في الكنافة و القطايف"، و "الرحمة في الطب و الحكمة"، و "الفارق بين المؤلف و السارق"، و "الفتاش على القشاش"، و "الرد على من أخلد إلى الأرض و جهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض".
و عاصر السيوطي 13 سلطانًا مملوكيًا، فإذا لم يقع سلوكه منهم موقع الرضا قاطعهم وتجاهلهم. فقد ذهب يومًا للقاء السلطان الأشرف قايتباي وعلى رأسه الطيلسان [عمامة طويلة] فعاتبه البعض، فأنشأ رسالة في تبرير سلوكه أطلق عليها "الأحاديث الحسان في فضل الطيلسان". وفي سلطنة طومان باي الأول حاول هذا السلطان الفتك بالسيوطي، لكن هجر السيوطي بيته في جزيرة الروضة واختفى فترة حتى عُزل هذا السلطان. و كان بعض الأمراء يأتون لزيارته، و يقدمون له الأموال و الهدايا النفيسة، فيردها و لا يقبل من أحد شيئا. و رفض مرات عديدة دعوة السلطان لمقابلته، و ألف في ذلك كتابًا أسماه "ما وراء الأساطين في عدم التردد على السلاطين"."
شيوخه
عاش السيوطي في عصر كثر فيه العلماء الأعلام، فابتدأ في طلب العلم سنة 864 هـ، 1459م، ودرس الفقه والنحو والفرائض، ولم يمض عامان حتى أجيز بتدريس اللغة العربية. وألف في تلك السنة أول كتبه "شرح الاستعاذة والبسملة"  و هو في سن السابعة عشرة، فأثنى عليه شيخه "علم الدين البلقيني". و كان منهج السيوطي في الجلوس إلى المشايخ هو أنه يختار شيخًا واحدًا يجلس إليه، فإذا ما توفي انتقل إلى غيره. ومن شيوخه "شرف الدين المناوي" وأخذ عنه القرآن والفقه، و"تقي الدين الشبلي" وأخذ عنه الحديث أربع سنين، فلما مات انتقل إلى عمدة شيوخه "محيي الدين الكافيجي" الذي لازمه الـسيوطي أربعة عشر عامًا كاملة و أخذ منه أغلب علمه في التفسير والأصول والعربية والمعاني،، وأطلق عليه لقب "أستاذ الوجود". وأخذ العلم ـ أيضًا ـ عن شيخ الحنفية "الأفصرائي" و"العز الحنبلي"، و"المرزباني" "وجلال الدين المحلي" و"تقي الدين الشمني" و غيرهم كثير، حيث أخذ علم الحديث فقط عن 150 شيخًا من النابهين في هذا العلم. و لم يقتصر السيوطي على الشيوخ من العلماء الرجال، بل كان له شيوخ من النساء اللاتي بلغن الغاية في العلم، منهن "آسية بنت جار الله بن صالح"، و "كمالية بنت محمد الهاشمية" و "أم هانئ بنت أبي الحسن الهرويني"، و "أم الفضل بنت محمد المقدسي" و غيرهن كثير.
رحلاتهه
سافر السيوطي في رحلات ليلتقي بكبار العلماء، فزارعدد من الأقاليم في مصر كالفيوم ودمياط والمحلة وغيرها، وسافر إلى بلاد الشام واليمن والهند والمغرب وتشاد ورحل إلى الحجاز وجاور بها سنة كاملة، وشرب من ماء زمزم، ليصل في الفقه إلى رتبة سراج الدين البلقيني، و دَّرس الحديث بالمدرسة الشيخونية حتى بلغ رتبة الحافظ ابن حجر العسقلاني.
تلاميذه
و تلاميذ السيوطي من الكثرة و النجابة بمكان، و أبرزهم شمس الدين الداودي صاحب كتاب "طبقات المفسرين"، و شمس الدين بن طولون، و شمس الدين الشامي محدث الديار المصرية، و المؤرخ الكبير ابن إياس صاحب كتاب "بدائع الزهور".

«صحيح البخاري»

للإمام البخاري (194-256هـ)

 × "الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله صلى الله عليه وسلّم و سننه و أيامه"، الشهير بِاسم "صحيح البخاري" هو أبرز كتب الحديث النبوي عند المسلمين من أهل السنة  والجماعة. صنّفه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري و استغرق قي تحريره ستة عشر عاماً، و انتقى أحاديثه من ستمائة ألف حديث جمعها. و يحتلّ الكتاب مكانة متقدمة عند أهل السنّة حيث أنه أحد الكتب الستّة التي تعتبر من أمّهات مصادر الحديث، و هو أوّل كتاب مصنّف في الحديث الصحيح المجرّد كما يعتبر أصحّ كتاب بعد القرآن الكريم. و كتاب "صحيح البخاري" أحد الكتب الجوامع و هي التي احتوت على جميع أبواب الحديث من العقائد و الأحكام و التفسير و التاريخ و الزهد و الآداب و غيرها.
اكتسب الكتاب شهرة واسعة في حياة الإمام البخاري، فروي أنه سمعه منه أكثر من سبعين ألفاً. و امتدت شهرته إلى الزمن المعاصر و لاقا قبولاً و اهتماماً فائقين من العلماء. فألفت حوله الكتب الكثيرة، من شروح، و مختصرات، و تعليقات، و مستدركات، و مستخرجات، و غيرها مما يتعلّق بعلوم الحديث، حتى نقل بعض المؤرخين أن عدد شروحه لوحدها بلغ أكثر من اثنين وثمانين شرحاً.
الإمام البخاري (194-256هـ)

 × هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزبَه الجعفي البخاري. من أهم علماء الحديث و علوم الرجال و الجرح و التعديل و العلل عند أهل السنة و الجماعة، و أحد كبار الحفّاظ الفقهاء.
ولد في بخارى ليلة الجمعة الثالث عشر من شوال سنة 194 هـ، الموافق 20 يوليو 810م. و تربّى في بيت علم حيث كان أبوه من العلماء المحدّثين الراحلين في طلب الحديث، و توفّي و الإمام البخاري صغير، فنشأ البخاري يتيماً في حجر أمه. و طلب العلم منذ صغره فدخل الكتّاب صبيًا و أخذ في حفظ القرآن الكريم و أمهات الكتب المعروفة في زمانه، حتى إذا بلغ العاشرة من عمره، بدأ في حفظ الحديث، و الاختلاف إلى الشيوخ و العلماء، و ملازمة حلقات الدروس. ثم حفظ كتب عبد الله بن المبارك و وكيع بن الجراح، و هو ابن ست عشرة.
رحل في أرجاء العالم الإسلامي رحلة طويلة للقاء الشيوخ و طلب الحديث، فزار أكثر البلدان و الأمصار الإسلامية في ذلك الزمان للسماع من علماءها، فسمع من قرابة ألف شيخ، و جمع حوالي ستمائة ألف حديث.
اشتهر شهرة واسعة و أقرّ له أقرانه و شيوخه و من جاء بعده من العلماء بالتقدّم و الإمامة في الحديث و علومه، حتّى لقّب بأمير المؤمنين في الحديث.
تتلمذ على البخاري كثير من كبار أئمة الحديث كمسلم بن الحجاج، و ابن خزيمة، و الترمذي، و غيرهم. و سمع واستفاد منه عدد كبير جداً من طلّاب العلم و الرواة و المحدّثين.
له مصنّفات عديدة، بالإضافة إلى "الجامع الصحيح"، و أشهرها "التاريخ الكبير"، و "الأدب المفرد"، و "رفع اليدين في الصلاة"، و "القراءة خلف الإمام"، و غيرها.
امتُحن أواخر حياته و تُعصّب عليه، حتى أُخرج من نيسابور و بخارى، فنزل إحدى قرى سمرقند، فمرض و توفيّ بها ليلة عيد الفطر السبت غرة شوال 256هـ الموافق 1 سبتمبر 870م.

«إرْشَادُ السَّارِي لِشرح صَحِيح البخَاري»

أحمد بن محمد بن أبى بكر بن عبد الملك القسطلاني (المتوفى 923هـ)

 × "إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري" هو كتاب من كتب تحقيق الحديث، ألفه الشيخ شهاب الدين القسطلاني (851-923هـ). يعتبر الكتاب مرجع في فقه الحديث، و هو شرح على أصح الكتب بعد القرآن الكريم و هو "صحيح البخاري". اعتمد فيه مصنفه على شرح السند و المتن، و هو يشرح المفردات و يبين ما يستنبط من الحديث أيضا معتمدا على أقوال و آراء أهل العلم و الفقه. أكبر ميزة له أن القسطلاني ضبط فيه متن البخاري حرفا حرفا، و كلمة كلمة، كما ذكر ذلك أبو الأشب الأحمد محمد شاكر في مقدمة كتابه "النسخة اليونينية من "صحيح البخاري"".
الفصول التي ألفها شهاب الدين القسطلاني في كتابه: "فضيلة أهل الحديث، و شرفهم في القديم و الحديث"، "ذكر أول من دون الحديث و السنن، و من تلاه في ذلك سالكا أحسن السنن"، "نبذة لطيفة جامعة لفرائد فوائد مصطلح الحديث عند أهله، و تقسيم أنواعه و كيفية تحمله و أدائه و نقله، مما لابد للخائض في هذا الشرح منه، لما علم أن لكل أهل فن اصطلاحا يجب استحضاره عند الخوض فيه"، "في ما يتعلق بالبخاري في صحيحه من تقرير شرطه، و تحريره و ضبطه، و ترجيحه على غيره كصحيح مسلم و من سار كسيره، و الجواب عما انتقذه عليه النقاذ من الأحاديث، و رجال الإسناد، و بيان موضوعه، و تفرده بمجموعه، و تراجمه البديعة المثال، المنيعة المنال، و سبب تقطيعه للحديث و اختصاره، و إعادته له في الأبواب و تكراره، و عدة أحاديثه الأصول و المكررة، حسب ما ضبطه الحافظ ابن حجر العسقلاني و حرره"، "ذكر نسب البخاري و نسبته، و مولده و بدء أمره و نشأته، و طلبه للعلم و ذكر بعض شيوخه و من أخذ عنه و رحلته, و سعة حفظه و سيلان ذهنه، و ثناء الناس عليه بفقهه، و زهده و ورعه و عبادته، و ما ذكر من محنته، و منحته بعد وفاته".
الإمام أحمد بن محمد بن أبى بكر بن عبد الملك القسطلاني
(851-923هـ/1448-1517م)

 × أحمد بن محمد بن أبى بكر بن عبد الملك القسطلاني القتيبي المصري، أبو العباس، شهاب الدين: من علماء الحديث، مولده و وفاته في القاهرة. له "إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري" (عشرة أجزاء)، و "المواهب اللدنية في المنح المحمدية" في السيرة النبوية، و "لطائف الإشارات في علم القراآت"، و "الكنز" في التجويد، و "الروض الزاهر في مناقب الشيخ عبد القادر" و شرح "البردة" سماه "مشارق الأنوار المضية".

«الشفاء بتعريف حقوق المصطفى»

للقاضي عياض
(476-544هـ/1083-1149م)

 × "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" أو "الشفا للقاضي عياض" من أهم الكتب في شمائل و صفات النبي محمد صلى الله عليه و سلم، وقد أولاها العلماء اهتماما بين مهذب وشارح ومدرس حتى عصرنا. كتاب القاضي عياض يُعدّ من أحسن الكتب المعرّفة بالنبي محمد صلى الله عليه و سلم. قال فيه أهل العلم لما قرؤوه: "لولا "الشفا" لما عُرف المصطفى". و قد اعتاد بعض علماء موريتانيا قراءته في شهر ربيع الأول، بمناسبة عيد المولد النبوي، في مجالسهم.
قسمه مؤلفه إلى أربعة أقسام: الأول في تعظيم قدر النبي صلى الله عليه و سلم قولًا و فعلًا، و القسم الثاني فيما يجب على العباد من حقوقه صلى الله عليه و سلم عليهم، و القسم الثالث فيما يستحيل في حقه صلى الله عليه و سلم، و ما يجوز، و ما يمتنع، و ما يصح، و القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام على من تَنَقَّصه صلى الله عليه و سلم أو سَبَّه.
القاضي عياض
(476-544هـ/1083-1149م)

 × أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرون بن موسى بن عياض السبتي اليحصبي (476هـ-544هـ/1083م-1149م)، قاض مالكي. العلامة و الفقية المؤرخ الذي كان من بين الناس العارفين بعلوم عصره
يعود نسب القاضي عياض إلى إحدى قبائل اليمن العربية القحطانية، و كان أسلافه قد نزلوا مدينة "بسطة" الأندلسية من نواحي "غرناطة" و استقروا بها، ثم انتقلوا إلى مدينة فاس المغربية، ثم غادرها جده "عمرون" إلى مدينة سبتة حوالي سنة 373هـ/893م. و اشتهرت أسرته بـسبتة لما عُرف عنها من تقوى و صلاح. و شهدت هذه المدينة مولد عياض في 15 شعبان 476هـ/28 ديسمبر 1083م، و نشأ بها و تعلم، و تتلمذ على شيوخها. جلس للمناظرة و له نحو ثمان و عشرين سنة، و ولي القضاء وله خمس وثلاثون، حتى وصل إلى قضاء سبتة ثم غرناطة، فذاع صيته و حمد الناس سيرته.
رحل عياض إلى الأندلس سنة (507هـ/1113م طلبًا لسماع الحديث و تحقيق الروايات، و طاف بحواضر الأندلس التي كانت تفخر بشيوخها و أعلامها في الفقه و الحديث. فنزل قرطبة أول ما نزل، و أخذ عن شيوخها المعروفين كـابن عتاب، و ابن الحاج، و ابن رشد، و أبي الحسين بن سراج و غيرهم. ثم رحل إلى "مرسية" سنة 508هـ/1114م، و التقى بأبي علي الحسين بن محمد الصدفي، و كان حافظًا متقنًا حجة في عصره، فلازمه و سمع عليه الصحيحين البخاري و مسلم، و أجازه بجميع مروياته. و لم يلبث أن رحل عياض إلى المشرق مثلما يفعل غيره من طلاب العلم، فعاد إلى "سبتة" غزير العلم، جامعًا معارف واسعة (و كانت عودته في 7 من جمادى الآخرة 508هـ/9 من أكتوبر 1114م)، فالتفَّ حوله طلاب العلم و طلاب الفتوى، و جلس للتدريس و هو في الثانية و الثلاثين من عمره. ثم تقلد منصب القضاء في "سبتة" سنة 515هـ/1121م و ظل في منصبه ستة عشر عامًا، كان موضع تقدير الناس و إجلالهم له. ثم تولى قضاء "غرناطة" سنة 531هـ/1136م و أقام بها مدة، ثم عاد إلى "سبتة" مرة أخرى ليتولى قضاءها سنة 539هـ/1144م.
كانت حياة القاضي عياض موزعة بين القضاء و الإقراء و التأليف، غير أن الذي أذاع شهرته، و خلَّد ذكره هو مصنفاته التي بوَّأَتْه مكانة رفيعة بين كبار الأئمة في تاريخ الإسلام.
فكان القاضي عياض في علم الحديث الفذَّ في الحفظ و الرواية و الدراية، العارف بطرقه، الحافظ لرجاله، البصير بحالهم؛ و كان سعيه الحثيث في سماع الحديث من رجاله المعروفين و الرحلة في طلبه، حتى تحقق له من علو الإسناد و الضبط والإتقان ما لم يتحقق إلا للجهابذة من المحدِّثين. و كان منهج عياض في الرواية يقوم على التحقيق و التدقيق و توثيق المتن، و هو يعد النقل و الرواية الأصل في إثبات صحة الحديث، و تشدد في قضية النقد لمتن الحديث و لفظه، و تأويل لفظه أو روايته بالمعنى، و ما يجره ذلك من أبواب الخلاف. و ألَّف القاضي في شرح الحديث ثلاثة كتب هي: "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" و هو من أدَلِّ الكتب على سعة ثقافة عياض في علم الحديث و قدرته على الضبط و الفهم، و التنبيه على مواطن الخطأ و الوهم و الزلل و التصحيف. و قد ضبط عياض في هذا الكتاب ما التبس أو أشكل من ألفاظ الحديث الذي ورد في الصحيحين و "موطأ مالك"، وشرح ما غمض في الكتب الثلاثة من ألفاظ، و حرَّر ما وقع فيه الاختلاف، ثم رتَّب هذه الكلمات التي عرض لها على ترتيب حروف المعجم. أما الكتابان الآخران فهما "إكمال المعلم" شرح فيه صحيح مسلم، و "بغية الرائد لما في حديث أم زرع من الفوائد". و له في علم الحديث كتاب عظيم هو "الإلماع في ضبط الرواية و تقييد السماع".
و دخل القاضي ميدان التاريخ من باب الفقه و الحديث، فألَّف كتابه المعروف "تدريب المدارك"، و هو يُعَدُّ أكبر موسوعة تتناول ترجمة رجال المذهب المالكي و رواة "الموطأ" و علمائه. و استهلَّ الكتاب ببيان فضل علم أهل المدينة، و دافع عن نظرية المالكية في الأخذ بعمل أهل المدينة، باعتباره عندهم من أصول التشريع، و حاول ترجيح مذهبه على سائر المذاهب. ثم شرع في الترجمة للإمام مالك و أصحابه و تلاميذه، و هو يعتمد في كتابه على نظام الطبقات حيث أورد بعد ترجمة الإمام مالك ترجمة أصحابه، ثم أتباعهم طبقة طبقة حتى وصل إلى شيوخه الذين عاصرهم و تلقى على أيديهم. و التزم في طبقاته التوزيع الجغرافي لمن يترجم لهم، و خصص لكل بلد عنوانًا يدرج تحته علماءه من المالكية، فخصص للمدينة و مصر و الشام و العراق عناوين خاصة بها، و إن كان ملتزما بنظام الطبقات. و أفرد لعلمائه و شيوخه الذين التقى بهم في رحلته كتابه المعروف باسم "الغُنية"، ترجم لهم فيه، و تناول حياتهم و مؤلفاتهم و ما لهم من مكانة و منزلة و تأثير. كما أفرد مكانا لشيخه القاضي أبي على الحسين الصدفي في كتابه "المعجم" تعرض فيه لشيخه و أخباره و شيوخه، وكان "الصدفي" عالمًا عظيما اتسعت مروياته، و صار حلقة وصل بين سلاسل الإسناد لعلماء المشرق و المغرب، لكثرة ما قابل من العلماء و روى عنهم و استُجيز منهم.
قتل القاضي عياض في مراكش و دفن بها سنة 544هـ. و دفن في حي هيلانة مع مولاي علي الشريف في نفس المكان. و يرجع سبب قتله إلى رفضه الإعتراف بابن تومرت الذي ادعى أنه هو الإمام المهدي المنتظر و قد أمر أن يألف كتابا يقر فيه أن ابن تومرت المهدي المنتظر. و عند قتله انغرزت الرماح في جسده و قطع أشلاء، و جمع و دفن في جوار كنيسة. و قد دفن بدون جنازة و لا غسل كأنه واحد من غير المسلمين، ثم أقطعوا تلك المنطقة للنصارى فبنوا بجوار قبره كنيسة و بعض الدور. و عثر على قبر القاضي عياض سنة 712هـ في عهد الدولة المرينية و التي أسقطت دولة الموحدين، و فرح الناس و العلماء بذلك الأمر بشدة، و أمر القاضي أبو إسحاق بن الصباغ بتسوية ما حول القبر و إشهاره و إظهاره، و اجتمع الناس عنده و صلوا عليه مرات كثيرة.
مؤلفاته
له مصنفات كثيرة، يصفها ابن خلكان في وفيات الأعيان: "كل تواليفه بديعة". و منها: "إكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم"، "الشفا بتعريف حقوق المصطفى"، "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" و هو كتاب مفيد في تفسير غريب الحديث المختص بكتب الصحاح الثلاثة و هي "الموطأ" و "صحيح البخاري" و "صحيح مسلم"، "الإعلام بحدود قواعد الإسلام"، "الغنية"، "ترتيب المدارك و تنوير المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك"، "التنبيهات المستنبطة على المدونة"، "مذاهب الحكام في نوازل الأحكام".

«نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض»

الشهاب الخفاجي (977-1069هـ/1569-1659م)

 × "الشفا" للقاضي عياض من أهم الكتب في الشمائل و صفات النبي، وقد أولاها العلماء اهتماما بين مهذب و شارح و مدرس حتى عصرنا. و من أشهر و أهم الكتب التي شرحته كتابنا هذا. و قد ضمن الكتاب في سياق الشرح و اهتم بشرح المفردات لغة و اصطلاحا، و ساق أقوال العلماء منسوبة إليهم على جهة الإفاضة و الإطالة و كشف الإشارات المخفية، و ترجم لبعض الأعلام، و عرب مواضع الإشكالات النحوية، و أورد فوائد أصولية و مسائل فقهية، و عين النكات البلاغية، و ذكر الشواهد من الآيات و الأحاديث التي يوجهها، و عزا بعضها إلى مخرجيها و قد عزا البعض الآخر المعلق و هو يورد الإشكالات و يجيب عنها إغناءا للمباحث. فالكتاب موسوعة في الأخلاق.

«الشهاب الخفاجي»

شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي المصري الحنفي
(977-1069هـ/1569-1659م)

 × أحمد بن محمد بن عمر، شهاب الدين الخفاجي المصري: قاضي القضاة و صاحب التصانيف في الأدب واللغة. نسبته إلى قبيلة خفاجة.
ولد و نشأ بمصر، و رحل إلى بلاد الروم، و اتصل بالسلطان مراد العثماني فولاه قضاء سلانيك، ثم قضاء مصر. ثم عزل عنها فرحل إلى الشام و حلب، و عاد إلى بلاد الروم، فنفي إلى مصر، و ولي قضاءا يعيش منه فاستقر إلى أن توفي.
من أشهر كتبه: "ريحانة الألبا" ترجم به معاصريه على نسق اليتيمة، و "شفاء العليل فيما في كلام العرب من الدخيل"، و "شرح درة الغواص في أوهام الخواص للحريري"، و "طراز المجالس"، و "نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض" (أربع مجلدات)، و "خبايا الزوايا بما في الرجال من البقايا" مجلد في التراجم، و "ريحانة الندمان"، و "عناية القاضي و كفاية الراضي" حاشية على تفسير البيضاوي (ثماني مجلدات)، و "ديوان الأدب في ذكر شعراء العرب"، و "السوانح"، و "قلائد النحور من جواهر البحور" في العروض و معه رسالتان له أيضا هما: "جنة الولدان" و "الكنس الجواري". وله شعر رقيق جمع في ديوان.

«نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم»

للحكيم الترمذي

 × "نوادر الأصول" المسمى "سلوة العارفين و بستان الموحدين" للإمام الحافظ المحدث الصوفي الحكيم الترمذي، الذي صبَّ فيض علمه الصوفي و باعه في الحديث. و الكتاب بشكل عام يحتوي على 291 حديثاً، سمى الترمذي كلاً منها أصلاً، و جاء كل أصل يتناول موضوعاً معيناً، و بذلك تضمّن "نوادر الأصول" الحكم و الأدب و الأخلاق، مرصعاً بالآيات و الأحاديث، و القصص و الآثار .
 و بعد ذلك أخذ في شرح الحديث التي ساقه بعد روايته، و في خلال شرحه كان يستطرد في استنباط ما يفهمه من لفظ الحديث، محاولاً إبراز المعاني التي يريدها من الحديث متخذاً من لفظ الحديث مادة يؤيد بها ما ذهب إليه من أحكام في مسائل العبادات و المعاملات و السلوك و الأخلاق. و اهتم بالصرف والاشتقاق ، وربط بين مكونات الكلمة ، ومعناها الخاص .
  و لغزارة علم مصنفه بالحديث و كثرة استدلاله به، أتى الكتاب كأنه المفرد العلم في أترابه. فالمصنف لتقدمه شارك أصحاب الكتب الستة في السماع من بعض الشيوخ.
و لما كان هذا الكتاب من أشهر كتب الحديث، فقد أقبل عليه العلماء يمتدحون لما فيه من التفضل، والاستيعاب، وحسن التبويب والترتيب كما أقبل عليه المحققون، متناولين إياه بالخدمة في شتى الجوانب.

«الإمام الحكيم الترمذي»


 × الحكيم الترمذي هو أبو عبد الله محمد بن بشر الترمذي، وهو أحد أعلام الصوفية الكبار والمشهورين من قادة الفكر الإسلامي في القرن الثالث الهجري، عرف عنه التفقه في علم الحديث والفقه، وذلك بسبب والدة الذي غرس ومنذ صغره حب العلم وتحصيل المعارف في كافة العلوم، وتحديداً الإسلامية، فقد كان والدة عالماً من علماء الفقه والحديث وأخذا ما يبدو من حديث الترمذي عنه. من المعروف أيضاً أن كتاب "نوادر الأصول" هو من أشهر كتب الترمذي وأكثرها تداولاً في القديم والحديث، وذلك لما يحمله الكتاب من سماه خاصة تجعله من مقدمة الكتب الحديثة المعروفة عند المسلمين.

«عدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين»

صلى الله عليه وسلم

 × هذا الكتاب اختصر ابن الجزري من كتابه "الحصن الحصين"، جمع فيه الأذكار و الدعوات المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بشكل مختصر، و جعله في عشرة أبواب بين فيها فضل الذكر و الدعاء و الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم و آداب ذلك، و بين أوقات إجابة الدعوات و أماكنها و من يستجاب له و بم يستجاب، و تحدث عن اسم الله الأعظم و الأسماء الحسنى، و بين الأذكار التي يحتاج لها الإنسان في جميع أحواله، و ختم بباب جامع للدعوات غير المقيدة بزمان أو مكان أو حالة.

«الشيخ شمس الدين ابن الجزري »

(751-833هـ)

 × هو محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري الدمشقي العمري الشيرازي الشافعي، و كنيته أبو الخير. عُرِفَ بابن الجزري، و نسب إلى الجزري كما أتى في "المنح الفكرية" للشيخ ملا علي القاري، نسبة إلى جزيرة ابن عمر شمال سورية (حالياً في تركيا).
ابن الجزري، شيخ القرّاء، الإمام الحافظ الشافعي (751هـ-833هـ). كان الحجة الثبت المدقق، فريد العصر، سند المقرئين، شيخ شيوخ الإقراء، صاحب التصانيف التي لم يسبق مثلها، ولم ينسج على منوالها، بلغ الذروة في علوم التجويد وفنون القراءات، حتى صار فيها الإمام
ولد يوم الجمعة ليلة السبت 25 رمضان سنة 751هـ الموافق 30 نوفمبر 1350م داخل خط القصاعين بين السورين بدمشق الشام. كان أبوه تاجراً، و مكث أربعين سنة لم يرزق ولداً، فحج و شرب من ماء زمزم، و سأل الله أن يرزقه ولداً عالماً، فولد له ابنه محمد هذا بعد صلاة التراويح.
نشأ في دمشق الشام، و فيها حفظ القرآن و أكمله و هو ابن ثلاثة عشر عاماً، و صلى به وهو ابن أربعة عشر. كان صاحب ثراء و مال، و بياض و حمرة، فصيحاً بليغاً.
اتجهت نفسه الكبيرة إلى علوم القراءات فتلقاها عن جهابذة عصره، من علماء الشام و مصر و الحجاز، إفراداً و جمعاً بمضمن كتب كثيرة، كـ "الشاطبية" و "التيسير" و "الكافي" و "العنوان" و "الإعلان" و "المستنير" و "التذكرة" و "التجريد"، و غيرها من أمهات الكتب و أصول المراجع. و لم يكن الإمام ابن الجزري عالماً في التجويد و القراءات فحسب، بل كان عالماً في شتى العلوم من تفسير و حديث و فقه و أصول و توحيد و بلاغة و نحو و صرف و لغة و غيرها.
يقول ابن الجزري عن نفسه: "و أما لبس الخرقة و اتصالها بأمير المؤمنين علي كرم الله وجهه، فإني لبستها من جماعة و وصلت إلي منه من طرق، رجاء أن أكون في زمرة محبيه وجملة مواليه يوم القيامة. فمن ذلك أني لبست الخرقة المتبركة من يد شيخي و أستاذي الشيخ الصالح المسند المعمر أبي حفص عمر بن الحسن بن مزيد بن أميلة المراغي ثم الحلبي ثم المزي في يوم الثلاثاء ثاني عشر شوال سنة اثنتين و سبعين و سبعمئة، و أخبرني أنه لبسها من يد شيخه الإمام العلامة الزاهد العارف العابد الناسك خطيب الخطباء عز الدين أبي العباس أحمد بن الشيخ الإمام الصالح الزاهد محيي الدين إبراهيم بن عمر بن الفرج بن أحمد بن شابور الواسطي الفاروبي شيخ القراءات و التفسير و التصوف في سنة تسعين و ستمئة. و الشيخ عز الدين المذكور في خرقة التصوف ثلاث طرق: أحمدية و قادرية و سهروردية".
جلس للإقراء تحت قبة النسر بالجامع الأموي للتعليم و الإقراء سنين عديدة، و ولي مشيخة الإقراء الكبرى بتربة أم الصالح بعد وفاة شيخه أبي محمد عبد الوهّاب السلار، و ولي قضاء دمشق عام 793 هـ، و كذا ولي القضاء بشيراز. و بنى بكل منهما للقراء مدرسة و نشر علماً جماً، سماهما بـ "دار القرآن". ولي مشيخة الإقراء بالعادلية، ثم مشيخة دار الحديث الأشرفية. و ولي مشيخة الصلاحية ببيت المقدس وقتاً.
أخذ عنه القراءات طوائف لا يحصون كثرة و عدداً، منهم من قرأ بمضمن كتاب واحد، و منهم من قرأ بمضمن أكثر من كتاب.
قال الحافظ ابن حجر: "ثم جرت له كائنة مع قطلبك استادار أيتمش، ففرَّ منه إلى بلاد الروم، فاتصل بالملك أبي يزيد بن عثمان، فأكرمه و عظمه، و أقام عنده بضع سنين، إلى أن وقعت الكائنة العظمى التي قتل فيها ابن عثمان، فاتصل ابن الجزري بالأمير تيمور، ودخل معه بلاد العجم. و بعد موت الأمير تيمور سنة 807 هـ، خرج من بلاد ما وراء النهر، فوصل إلى خراسان و دخل مدينة هراة، ثم وصل إلى يزد، ثم إلى أصبهان. فقرأ عليه للعشرة في هذه المدن جماعة منهم من أكمل و منهم من لم يكملوا. و توجه إلى شيراز سنة 808 هـ، فأمسكه سلطانها، فقرأ عليه جماعة بها وانتفعوا به. و أُلزم بالقضاء كُرهاً، فقام به مدة طويلة. ثم تمكن من الخروج منها إلى البصرة فقرأ عليه أبو الحسن الأصبهاني، ثم توجَّه للحج سنة 822 هـ، هو مع المولى معين الدين بن عبد الله قاضي كازرون، فوصلا إلى قرية عنيزة بنجد، ثم توجها منها لأداء الفريضة فلم يتمكنا من الحج في هذه السنة، لاعتراض الأعراب ـ قطاع الطريق ـ لهما. ثم حجَّا في التي تليها، و جاور بمكة و المدينة، ثم رجع إلى شيراز. و في سنة 827 هـ قدم دمشق، ثم القاهرة و أقرأ وحدَّث، ثم رحل إلى مكة فاليمن تاجراً، و حدث بها، ووصله ملكُها، فعاد ببضائع كثيرةٍ. وحجَّ سنة 828 هـ، ثم دخل القاهرة في أول سنة 829 هـ، فمكث بها مدة ثم توجه إلى الشام، ثم إلى شيراز عن طريق البصرة".
كان غزير الإنتاج في ميدان التأليف، في أكثر من علم من العلوم الإسلامية، و إن كان علم القراءات هو العلم الذي اشتهر به، و غلب عليه. و يعكس تنوع موضوعات مؤلفاته تنوع عناصر ثقافته، إلى جانب كتب القراءات و علوم القرآن، كتباً في الحديث و مصطلحه، و الفقه و أصوله، و التأريخ و المناقب، و علوم العربية، و غير ذلك، تجاوز عدد مصنفاته التسعين كتاباً.
توفي ضحوة يوم الجمعة 5 ربيع الأول سنة 833 هـ بمنزله بسوق الإسكافيين بمدينة شيراز. و دفن بدار القرآن التي أنشأها بها عن عمر يناهز 82 سنة.

«تحفة المخلصين بشرح عدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين»

للشيخ الإمام محمد بن عبد القادر الفاسي (1042-1116هـ)

 × "شرح عدة الحصن الحصين" كتاب كبير المقدار، غاية في الإختصار جامعا للصحيح من الأخبار، جمع الذكر النبوي و الخير الدنيوي و الأجر الأخروي.  ففيه شرح يشتمل على تتميم ما اختصره الإمام الجزري مع فوائد يحتاج إليها الطالب في معاني الأحاديث و ألفاظها.
يعد هذا الكتاب من أفضل الكتب التى شرحت "عدة الحصن الحصين" إذ انفرد المؤلف رحمه الله بأنه أول من دون فى شرح "العدة"، و تبعه بعد ذلك الإمام الشوكاني رحمه الله فى شرحه أيضاً. لكن المؤلف تميز فى شرحه بعدة أمور، منها جمع أقوال شراح الحديث وعلماء الجرح و التعديل، و الفقهاء، و أقوال  علماء اللغة، لبيان معنى الحديث و حكمه و فقهه، والاستشهاد بأقوال السادة علماء االصوفية فى معنى الحديث.
فالكتاب يعد موسوعة حديثية فقهية لغوية صوفية شاملة لجميع أبواب العلم، فمن قصد النفع من الكتاب فى أي باب من أبواب العلم وجده بفضل الله تعالى، ذلك لتبحر المؤلف رحمه الله فى شتى أبواب العلم. كذلك أورد المصنف اختلاف النسخ التى بين يديه من "عدة الحصن الحصين"، و بين أيضا ما رمز مصنف "العدة" إليه فى كتابه "الحصن الحصين".
و قد كان للمؤلف نهجاً في كتابه نادراً ما استخدمه، لكن رأيت الإشارة إليه حتى لا يتوهم القارئ أن هناك سقط ،. و هو أنه حينما يذكر المصنف أقوال الفقهاء ناقلاً عن كتابة، لا يذكر فعل القول، و إنما يذكر اسم القائل مباشرة. و كذلك عن نقله أقوال شراح الحديث.

«الشيخ الإمام محمد بن عبد القادر الفاسي »

(1042-1116هـ)

 × هو الشيخ الإمامُ العالـمُ الـمُحدِّثُ أبو عبد الله مـحمد بن  شيخ الإسلام أبي محمد عبد القادر بن علي بن أبي المحاسن الفاسي وِلادة و منشأ و قرارا.
وضعته أُمُّه ليلة الـجمعة 15 من ربيع الأول عام 1042هـ، في حضن أسرة اشتهر كبارها وصغارها بالانكباب على العلم طلبا و تدريسا في زاويتهم المشهورة بالـحضرة الفاسية و بمساجدها أيضا.
صَار أبو عبد عبد الله على نهجهم، و اقتفى خُطى آثارهم، فحفظ القرآن وتَلقَّى جُملة من العلوم على  يد شيوخ من عَشِيرَتِه وَذَوِيهِ؛ كوالده عبد القادر الفاسي (ت1091هـ)، و عمه أبي العباس أحمد بن علي الفاسي (ت1062هـ)، و أبي القاسم و أبي عبد الله محمد بن أحمد بن علي الفاسي (ت 1084هـ)، و أجازه عم والده العربي الفاسي (ت1052هـ) و هو ابن عشر سنين أو أقل من ذلك.
كما كان حريصا على حُضُور حلقات غيرهم ممن عاصرهم، من أشهرهم: أبو العباس أحمد بن محمد الزَّمُّوِري (ت 1057هـ)، و أبو العباس أحمد المدعو حمدون بن محمد الأبار (ت1071هـ)، و أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن محمد المرابط الفاسي (ت1079هـ).
و حصل رحمه الله عن طريق المكاتبة و الإذن على مجموعة من الإجازات من شيوخ بلاد المشرق أجازوه فيها بما لديهم من أسانيد و مرويات، يأتي على رأسهم الشيخ الـمُقرئ الضَّرير أبو الحسن نور الدين علي الشَّبْرَامِلِّسي ( ت1087هـ)،  و شيخ الإسلام أبو الفرج عبد السلام بن إبراهيم اللَّقاني(ت1078هـ)، والإمام المتفنن أبو إسحاق مُلا إبراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكوراني (ت 1101هـ).
و بعدما تمكن أبو عبد الله من المنقول و المعقول  في جملة من العلوم حفظا و فهما و استنباطا، و سطع نجمه في سماء الحضرة الفاسية، و أصبح لا يُشقُّ له غُبَار، خصوصا في عِلْمَي الحديث و اللغة، جلس لتدريس أبناء عصره بما فتح الله به عليه، وأعانه على ذلك؛  بقوة الصبر و سعة الصدر، و تحمل المشاق و الصِّعاب، رغم ما يعانيه من مرض  وأَلَـم البَواسِير. و من أنجب هؤلاء الذين كانوا يحضرون مجالسه: أبو محمد عبد السلام بن الطيب القادري (ت1110هـ)، وأبو عبد الله محمد بن أحمد المسناري (ت1036هـ)، و أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بناني (ت1163هـ). هذا ولم يثبت عنه رحمه الله  أن زاول مهنة أخرى غير التدرس، مع العلم أنه قد عرضت عليه بعض المناصب فرفضها.
وإضافة إلى نبوغه وسعة علمه، اشتهر أيضا عند العامة و الخاصة بحُسن الأخلاق، و الورع و الزهد، و رقة القلب، و عدم الخوف في الله لومة لائم. و قد أُعجب بهذه الشَّخصية الفذَّة جُـمُوع من المؤرخين و العلماء، فأثنوا عليه، و وصفوه بما يتوافق مع حاله. من ذلك ما جاء على لسان محمد بن الطيب القادري: "إمام الـمُحققين،  و رئيسُ الـمُحدثين"، و من بعده قول محمد بن جعفر الكتاني: "حسنة الليالي و الأيام، نجم الأمة، و تاج الأئمة، العالم الكبير، العلامة الشهير، مصباح أهل زمانه، و نُور عين أعيان عصره و أوانه، من جمع بين العلم و الدين، و سار بسيرة أسلافه المهتدين، و حاز ورعا و علما و ديانة و عقلا و فهما، و همة عالية، و نفسا أبية، و أخلاقا سَرِيَّةً، و أحوالاً مرضيةً سَنِيَّةً". 
و انكبَّ على التأليف في علم اللغة و المنطق و التفسير و الحديث و الفقه و غيره، من ذلك: "تكميل المرام بشرح شواهد ابن هشام"، و "المباحث الإنشائية في الجملة الخبرية"، و "نقد مسلك السداد إلى مسألة خلق أفعال العباد"، و "تحفة المخلصين بشرح عدة الحصن الحصين".
أما وفاة أبي عبد الله رحمه الله فكانت بداره عند زوال يوم الخميس 28 من رجب ودفن من الغد في المكان الذي يدّرس به من زاويتهم، سنة (1116هـ).